مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

شرح المغربي لمقدمة السعد على تلخيص المفتاح

صفحة 81 - الجزء 1

  بالغيوب والأسلوب العجيب والكائنة من غيره كانشقاق القمر دلّت بواسطة إظهارها عجز الخلق على صدقه⁣(⁣١)، فالمدلول عليه هو الصدق، والإعجاز ملابس لتلك الدلائل؛ لأنه بها حصل.

  (بأسرار البلاغة) متعلق بالمؤيد أى الذى قويت دلائل صدقه عند ظهور عجز الخلق عن معارضته بأسرار البلاغة؛ لأنها ظاهرة فى الإعجاز بها فقويت بها تلك الأدلة، وإضافة الأسرار إلى البلاغة يحتمل أن تكون من إضافة البيان أى: بالأسرار التى هى مجموع جزئيات البلاغة على أن يراد بالبلاغة ما تحصل به، ويحتمل أن تكون الإضافة على بابها أى بالحكم المراعاة لتحصيل البلاغة التى هى المطابقة لمقتضى الحال كمراعاة التأكيد عند الإنكار، وتركه عند عدمه (و) نصلى (على آله) أى أقاربه من بنى هاشم (وصحبه) أى: أصحابه، وهم من لقيه وآمن به.

  (المحرزين قصب السبق)⁣(⁣٢) أى: الفائزين بالغلبة عند المناضلة والمبادرة (فى مضامير) جمع مضمار، وهو فى الأصل موضع إجراء الخيل، والمراد هنا مواطن المباراة والمغالبة فى (الفصاحة) وهى ملكة يقتدر بها على الإتيان بكلام فصيح، والمراد مضامير استعمال تلك الملكة، (والبراعة) وهى تفوق الإنسان على أقرانه فى البلاغة وغيرها، والكلام تمثيل شبه حال المتسابقين على الخيل فى الميدان إلى قصب ينصب أمامهم؛ ليفوز بالغلبة محرزه بالسبق إليه بحال الصحابة وغلبتهم لما قاواهم فى الفصاحة والبلاغة فى وجه الظفر بالعلو بعد المنازعة والمباراة، فاستعمل كلام الأول فى الثانى، ولا يخفى وجه الابتداء بالحمد والصلاة، وأما التعبير بالجملة المضارعية فلإفادة دوام التجدد المناسب لتجدد النعم المحمود عليها، والنون فيهما للإشارة إلى أن الحمد والصلاة مما ينفرد فيه، ولا يخفى ما فى ذكر البيان والفصاحة والبلاغة والبراعة فيها والمعانى


(١) (على صدقه) الجار والمجرور متعلق بالفعل (دلّت).

(٢) قصب السبق: قصبة تنصب للمتسابقين، ويفوز بالغلبة من يحرزها.