شرح المغربي لمقدمة السعد على تلخيص المفتاح
  والإعجاز والمثانى من براعة الاستهلال، وما فى ذكر التلخيص والإيضاح والمصباح التى هى أسماء لكتب من الإيهام الذى هو أن يشار باللفظ إلى البعيد من معنييه(١).
  (وبعد) هو ظرف مبنى على الضم لقطعه عن الإضافة والأصل، وبعد الحمد والصلاة، وهو متعلق بأما التى قامت الواو مقامها أو بالشرط التى قامت أما مقام جملته، وهو مهما يكن من شيء، ولما كان هذا الشرط عاما يفيد التأكيد فى جوابه لإفادته تحققه بكل حال أفادته أما القائمة مقامه، والغرض هنا مجرد الانتقال من غرض إلى آخر، وإنما نقلت لهذا الغرض؛ لأن ربط الجواب بكل شيء المفاد للشرط بعد الحمد والصلاة يفيد ترتب ذلك الجواب عليهما وارتباطه ببعديتهما، ولهذا رتبه فقال: (فيقول العبد الفقير مسعود بن عمر المدعو) أى المسمى (سعدا) وفى بعض النسخ المدعو بسعد بزيادة الباء، وحذف المضاف إليه - وهو الدين؛ لأن لقبه سعد الدين إذ ذاك جائز اختصارا (التفتازانى) نسبة لتفتازان بلد بخراسان (هداه الله سواء الطريق) أى بين له الطريق السواء، وهو الذى لا اعوجاج فيه، ويحتمل وسط الطريق، والمراد بالطريق الدليل الموصل إلى حقيقة العلم، ولذلك عطف عليه نتيجة ذلك فقال (وأذاقه حلاوة التحقيق)؛ لأن التحقيق الذى هو إثبات ما يحاول علمه فى كنهه من غير أن يثبت جهلا فى غير كنهه نتيجة الدليل الواضح، ولما شبه التحقيق بشيء له حلاوة كالعسل فى استطابة النفوس أضمر التشبيه فى النفس استعارة بالكناية ثم أضاف له الحلاوة والإذاقة اللذين هما من لوازم المشبه به تخييلا، والدعاء بالهداية أمام الشروع فى تحقيق العلم لا تخفى مناسبته.
  (قد شرحت فيما مضى تلخيص المفتاح) هذا مقوله والمقصود الإخبار الآن بهذا القول لا حكاية قوله فى المستقبل كما لا يخفى. (وأغنيته) أى: التلخيص (بالإصباح) أى: بشرح ذى إصباح؛ لأنه هو فى وضوحه يكون النظر فيه كالدخول فى الصباح، فالإصباح ملابس للشرح لاتصافه بما يشبهه (عن المصباح) أى عن شروح
(١) أى: أن يكون للفظ معنيان قريب وبعيد، ويريد البعيد منهما، وإن أوهم إرادة القريب، ويسمى أيضا بالتورية وهى من فنون البديع.