مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الحسية

صفحة 121 - الجزء 2

  بالذوق بقوله (من الطعوم) يعنى الكيفيات الموجودة فى المطعومات، ولها أوائل ثمانية منها الحلاوة، وهى أقوى البواقى ملاءمة للذائقة وأشهاها لديها، ومنها الدسومة وتليها فى الملاءمة، وذلك كطعم اللحم والشحم والأدهان الملائمة، ومنها المرارة، وهى أقواها منافرة للذائقة، ومنها الحرافة وفيها أيضا منافرة للذائقة، إذ هى طعم فيه لذع ما، ومنها الملوحة وهى فى رتبة التنفير بين المرارة والحرافة، ولذلك تارة توجد مائلة للمرارة وتارة توجد مائلة للحرافة، ومنها العفوصة وهى منافرة أيضا للذائقة وهى قريبة من المرارة، بل هى نوع منها كطعم العفص المعلوم، ولهذا قال فى القاموس: العفص: المرارة والقبض، ومنها الحموضة وفيها تنفير أيضا وهى معلومة، ومنها القبض وهو فى منافرة الذائقة فوق الحموضة وتحت العفوصة، ولهذا يقال: إن العفوصة تقبض ظاهر اللسان وباطنه والقبض يقبض ظاهره فقط، فهذه ثمانية هى أوائل المطعومات، وقد تبين أن غير الحلاوة والدسومة منها تشترك فى مطلق المنافرة للذائقة ولو تفاوتت فيها، ومتى لم تنافر فلفساد المزاج، وأما عد التفاهة منها فغير مرضى إذ هو عدم الإحساس بطعم المذوق لبعض الأجسام فإنها عند اتصال الذائقة بها لا يحس منها بطعم، وكل ما سوى هذه من المطعومات وهى أنواع لا تنتهى فمركبة من هذه المزازت المركبة من الحلاوة والحموضة وكلما خلط مطعوم بآخر حدث طعم آخر، وفيما أشير إليه من المطعومات أبحاث موكولة لمحالها، فإذا أريد التشبيه فى المذوق قيل: هذا الطعام كالعسل فى الحلاوة، وهذا كالصبر فى المرارة، وقس على هذا (أو بالشم) أى ومن جملة الكيفيات الحسية الجسمية ما يدرك بحاسة الشم، وهو معنى قائم بباطن الأنف تدرك به الروائح، وهذا هو المتبادر الجارى على الألسن من معناه، ويفسر عند الحكماء - بناء على ما اقتضاه التشريح - بأنه هو قوة أى: صفة إدراك كائنة فى زائدتى مقدم الدماغ حلمتين زائدتين هنالك شبيهتين بحلمتى الثديين فهما بالنسبة لمجموع الدماغ بخريطته كالحلمتين بالنسبة إلى الثديين، فالقوة الشمية قائمة بتينك الزائدتين كل منهما يقابل ثقبة من ثقبتى الأنف، وعلى هذا فلا إدراك فى الأنف وإنما هو واسطة، بدليل أنه إذا انسد من داخل انقطع إدراك المشموم ولو سلم نفس الأنف من الآفات، ثم بين المدرك بهذه الحاسة بقوله (من