مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الحسية

صفحة 122 - الجزء 2

  الروائح) الطيبة والمنافرة ولا تمييز بينها إلا بالإضافة كرائحة المسك ورائحة الزبل وغير ذلك، ولا تنضبط بزمام فإذا أريد التشبيه فى المشموم قيل هذا النبات كالورد فى رائحته، وهذا الدهن كالقطران فيها وعلى هذا فقس، (أو باللمس) أى: ومن جملة الكيفيات الحسية الجسمية ما يدرك بحاسة اللمس، وهو فى الأصل مصدر لمسه إذا اتصل به شيء من جسده، وأطلق هنا على قوة سارية أى عامة فى ظاهر البدن بها تدرك الملموسات، ولا يضر تفاوت أجزاء ظاهر البدن فى الإحساس لاشتراكها فى مطلق الإدراك، ثم بين بعض المدرك باللمس بقوله: (من الحرارة) وهى قوة من شأنها تفريق المختلفات وجمع المؤتلفات، ولهذا إذا أوقد على حطب ذهب الجزء الهوائى وهو المتكيف بصورة الدخان صاعدا لأصله من الهواء، والجزء الترابى وهو المتكيف بصورة الرماد متراكما إلى الأرض والعزل المائى والنارى وكل ذلك بالمعاينة، وكذا إذا أوقد على معدن حتى ذاب انعزل زبده وخبثه عن صفيه (والبرودة) وهى قوة من شأنها جمع المؤتلفات وغيرها، ولذلك إذا برد المعدن المذاب التصق خبثه بصفيه، ولأجل كونهما فى أصلهما لهذا التأثير سميتا فعليتين وإن كان يقع منهما انفعال أى: تأثر عند تأثر الأجسام العنصرية بهما والتقاء أصولها؛ لأنهما عند ذلك تنكسر سورة كل منهما بالأخرى فتحدث هيئة اتحاد فى الأجسام المركبة العنصرية، وتسمى تلك الهيئة مزاجا لحصولها عن مزج الأجزاء البسيطة، وبتلك الهيئة عند الاعتدال يصلح لكونه نباتا أو حيوانا بالفعل على حسب الاستعداد، وكذا إذا ألقى الماء الحار على البارد انفعلت كيفية كل منهما بكسر الأخرى؛ ولكن اعتبرت فيهما الحالة الأولى الأصلية فسميتا فعليتين، (و) من (الرطوبة) وهى كيفية تقتضى سهولة التشكل والالتصاق والتفريق فى الجسم القائمة هى به، (و) من (اليبوسة) وهى بعكسها أى كيفية تقتضى صعوبة التفريق والالتصاق والتشكل، ولأجل اقتضائهما تأثر موصوفهما سميتا انفعاليتين، وإن كانت الثانية منهما بتأويل الصعوبة أثرا؛ وإنما هو فى الحقيقة نفى الأثر ومن عادتهم عد ما يمنع التأثر انفعالا، وتسمى هذه الأربع أوائل الملموسات لأنها تدرك بمجرد اللمس من غير حاجة إلى توسط شيء آخر، فإن الملموس تدرك حرارته أو برودته أو رطوبته أو يبوسته فى