مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الحقيقة العقلية

صفحة 127 - الجزء 2

  كما تقدم، ودخل فيه ما له تحقق عقلا بدون نسبة وإضافة، سواء كان لها وجود فى الخارج كالحياة أو لا وجود لها إلا فى الاعتبار العقلى، ولو وصف بها الموجود كالإمكان، وعلى هذا يكون المقابل للحقيقى هو الإضافى النسبى ووجه المقابلة أن هذه الأقسام لها تحقق فى استقلال المفهومية، وقد أشرنا إلى هذا فيما تقدم، وإليه أشار بقوله: وإما إضافية، ثم مثل لهذه الإضافية بقوله: (كإزالة الحجاب) المعتبرة هى (فى تشبيه الحجة) الواضحة (بالشمس)، فإن هذه الإزالة أمر إضافى يتعقل فيما بين المزيل والمزال وليس هيئة متقررة فى الحجة ولا فى الحجاب، كما لم يتقرر فى الشمس ولا فى الحجاب المزال لها، فإذا قلت: هذه الحجة كالشمس كان الوجه بينهما أن كلا منهما أزال الحجاب عما من شأنه أن يخفى؛ إلا أن الشمس أزالته عن المحسوسات والحجة عن المدارك المعقولات، وإذا زال الحجاب ظهر المزال عنه، قيل: وجه الشبه فى الحقيقة هو ظهور ما خفى بكل منهما والإزالة تستلزمه؛ وذلك لأن المقصود بالذات الظهور والإزالة واسطة والخطب فى مثل هذا الاعتبار سهل، وقد ظهر بهذا التقرير أن بعض أقسام الاعتبارى داخل فى الحقيقى ولم يخرج عنه منها إلا النسبى إن قلنا إن النسبة إضافية، وإن قلنا إن الأمور النسبية وجودية كما هو مذهب الحكماء دخل الاعتباري كله فى الحقيقى فتكون مقابلة الإضافى بالحقيقي مقابلة بما يشمل الاعتبارى والوجودى مما سوى ذلك الإضافى، وقد أدخلنا نحن فى الحسى ما لم يوجد ولكن لو وجد موصوفه صار محسوسا كصورة أنياب الأغوال بناء على أن الصورة حسية لرجوعها إلى هيئة الوضع، وبعض الناس يجعله اعتباريا بناء على أنه لما كان وهميا محضلا فلا وجود له فلا يكون حسيا كما دل عليه كلام السكاكى فيما يأتى - إن شاء الله تعالى - وعلى كل حال فلم يخرج عن الحقيقى إلا النسبى أى الإضافى المقابل له، وقد يطلق الحقيقي على ما يقابل الاعتبارى الذى لا تحقق له إلا فى اعتبار العقل دون الخارج، فعلى مذهب الحكماء يدخل النسبى فى الحقيقى لوجود النسبة عندهم وعلى مذهب المتكلمين من أن النسب والإضافات أمور اعتبارية وهو الحق تدخل النسبة فى الاعتبارى، ومما يدل على هذا الإطلاق - أعنى إطلاق الحقيقى فى مقابلة الاعتبارى مطلقا - كلام للسكاكى فى