أمثلة الواحد العقلي
  بالحرير، وقد علم بما ذكرنا أن قوله فيما مر مقدر مع جميع المذكورات كما قررنا، وأن المصنف تسامح في جعل الخفاء والطيب واللذة من المحسوسات بالحواس التي هي السمع في الأول والشم في الثاني والذوق في الثالث إلا إن حمل على ما أشرنا إليه، والله أعلم.
  هذه أمثلة الواحد الحسي.
أمثلة الواحد العقلى
  (و) أما الواحد (العقلي) فأمثلته (كالعراء) أي: الخلو (عن الفائدة و) ك (الجرأة) أي: الشجاعة بمعنى التجاسر، والعداء على ما يراد قتله؛ وإنما لم يعبر بالشجاعة في مكان الجرأة لأن الحكماء فسروا الشجاعة بما يقتضي اختصاصها بذوات الأنفس الناطقة، وهي أنها هي الجرأة الصادرة عن روية وبصيرة بخلاف الجرأة فهي أعم، وفيها لغات الجرأة على وزن الجرعة، كما مثل المصنف، والجرأة كالكراهة، والجرائية كالكراهية، والجرة كالكرة، وفعلها جرؤ بضم الراء (و) ك (الهداية) وهي الدلالة على الطريق الموصل إلى المقصود حسا أو معنى (و) ك (استطابة النفس) أي: ملاءمتها لشيء واستحسانها له؛ فهذه أربعة أمثلة للواحد العقلي وعددها باعتبار تعدد الطرفين، لأنهما إما عقليان أو حسيان أو المشبه عقلي والمشبه به حسي أو العكس، فأما الأول وهو العراء عن الفائدة فهو وجه شبه فيما طرفاه عقليان، وذلك (في تشبيه وجود الشيء العديم النفع) أي: الذي لا نفع له يعني ولا ضرر (بعدمه) كرجل هرم ولا عقل له فيقال وجود هذا كعدمه في العراء عن الفائدة، ولا شك أن الوجود والعدم عقليان؛ إذ المراد بالوجود الحال النفسي لا الذات ونفعه أو عدمه باعتبار متعلقه، فتبين بهذا صحة تشبيه الوجود بالعدم فيما ذكر، وأن ما قيل من أنا إذا قلنا: زيد كالمعدوم ليس من باب التشبيه، بل هو من باب نفي الوجود ليس بظاهر لإمكان الظاهر من التشبيه بالوجه المذكور، (و) أما الثاني وهو الجراءة فهو وجه شبه فيما طرفاه حسيان، وذلك في (تشبيه الرجل الشجاع بالأسد)؛ حيث يقال مثلا: «زيد كالأسد في الشجاعة».