مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

طرفا المركب الحسى المختلفان

صفحة 144 - الجزء 2

  وفي المشبه به متخيل، وكون الشقيق وهو المشبه مفردا ظاهر؛ لأن الشقيق اسم لمسمى واحد، فأجزاؤه التي اعتبر اجتماعها هيئة كاليد من زيد، وأما كون أعلام ياقوت مركبا لا مفردا مقيدا فلأن القصد إلى التشبيه بالمجموع، وليس للأعلام قصد ذاتي حتى يكون مقيدا بدليل أن المشبه لم يعتبر فيه الجزء المناسب للأعلام فقط، بل المعتبر المجموع؛ إذ الهيئة متعلقة بالمراد بالشقيق الذي هو مجموع الأصل وفروعه، ويأتي الفرق بين المركب والمقيد قريبا بنحو هذا، وأما الثاني وهو العكس، أي: أن يكون المشبه مركبا والمشبه به مفردا فلما يأتي في تشبيه نهار مشمس قد شابه زهر الربا بليل مقمر على ما سيجيء في أقسام التشبيه بيانه عند التمثيل به، وهذا المركب لكثرة اعتباراته غالبا لا يخلو من دقة وحسن، (ومن بديع المركب الحسي)، أي: ومن جملة ما يعد بديعا، أي: عجيبا، قليل المثل من الوجه المركب الحسي، فإضافة البديع للمركب من إضافة الصفة إلى الموصوف (ما) أي: من البديع في ذلك المركب وجه الشبه الذي (يجيء) أي: يأتي ويحصل (في الهيئات) أي: في الحالات من أوجه الشبه (التي تقع عليها الحركة)، يعني أن الوجه هو الهيئة التي تقع عليها الحركة، وهيئة الحركة التي تقع هي عليها إما استقامة كحركة السهم وتركيبها بوجود حركتين متعاكستين مثلا، وإما استدارة كحركة الدولاب وتركيبها بوجود دولابين مثلا، متعاكسين أحدهما محيط والآخر محاط به، وإما غير ذلك كالاعوجاج، وحركة الاعوجاج كطائف بالمثلث مثلا، وتركيبها بوجود حركة تعاكسها أيضا، ولا يخفى أن المثالين الآتيين ليس فيهما حركة الدورة المحضة، بل المعوجة مع غيرها كحركة الشعاع، لأنه عند الانبعاث عن وسط الشمس كأنه مضطرب كالذهاب مع الارتعاش فذهابه كالاستقامة وارتعاشه كالاعوجاج في الاستقامة، وعند الرجوع من الجوانب لا يخلو من نقصان، فحركته كحركة الراجع من جهات متفاوتة فكأنها معوجة باعتبار مجموع الراجع وأطرافه أو المستقيمة مع معاكستها كحركة المصحف فيما يبدو. نعم لا تخلو حركته في التحقيق عن اعوجاج فافهم، ثم مجيء الوجه في الهيئة مع أنها نفس وجه الشبه هنا كمجيء الجنس في النوع وحصوله به كما يقال: يأتي الحيوان في الإنسان، ويحصل خارجا به؛ لأن مطلق الوجه