مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

التشبيه المفصل

صفحة 202 - الجزء 2

  ويفيض على الحالتين - أعنى حالتى الإعراض والإقبال - ولكن لعمرى إن هذا الوصف لا يصلح إلا لله تعالى الذى يعطى بلا عوض، ويجود بلا غرض، وهو أكرم الأكرمين، والمشبه به أيضا وصفه بأنه يصيبك جئته، أو ترحلت عنه، وإعطاء المعرض والمقبل الذى هو وصف المشبه يتضمن الوجه الذى هو الإفاضة فى الحالتين أيضا، وبقى مثال ما ذكر فيه وصف المشبه دون المشبه به، وكأن المصنف لم يجده فى كلامهم، ومثاله ما لو قيل فى عكس قوله:

  فإنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب⁣(⁣١)

  فإن الشمس التى إذا طلعت لم يبد كوكب مثلك ويعنى بالنسبة إلى الملوك.

التشبيه المفصل

  (وإما مفصل) هذا هو المقابل لقوله: إما مجمل فهو معطوف عليه، يعنى أن التشبيه المجمل هو ما لم يذكر فيه الوجه، سواء ذكر فيه ما يشعر به أو لا كما تقدم، (و) المفصل (هو ما ذكر) فيه (وجهه) أى: وجه الشبه، وقد علم من هذا - كما بيناه فيما تقدم - أن المراد بالإجمال هنا عدم الصراحة بالوجه والتفصيل أن يذكر الوجه صراحة، وذلك المفصل (كقوله: وثغره)⁣(⁣٢) أى: أسنان ثغره أى: فمه (فى صفاء وأدمعى) فى صفاء أيضا (كاللآلى) أى: كالجواهر الصافية، وقد مثلنا بهذا لتشبيه التسوية لتعدد طرفه الأول، ومثل به هنا للتصريح فيه بالوجه فناسب المحلين بالاعتبارين، وهكذا كل ما فيه اعتباران أو أكثر يصح التمثيل به، لذلك وهو ظاهر ووصف الدموع بالصفاء؛ إشعارا بكثرتها لاقتضاء الكثرة تغسيل المنبع، وتنقيته من الأوساخ، ومن لازم ذلك صفاء الدمع، بخلاف القليل فيصح معه بقاء تكدر المنبع بالأوساخ، فلا يصفو (وقد يتسامح) أى: يتساهل فى ذكر نفس الوجه فيستغنى عنه (ب) سبب (ذكر ما يستتبعه) أى: يستلزمه (مكانه) متعلق بذكر أى: يتسامح بأن يذكر فى مكانه ما يستتبعه ويستلزمه، والمراد بالاستلزام هنا الحصول مع الحصول فى الجملة، وإن كان


(١) البيت للنابغة الذبيانى فى الإيضاح بتحقيق د. عبد الحميد هنداوى ص (٢٣١)، وعقود الجمان (٢/ ٢٨).

(٢) البيت فى الإيضاح ص (٢٢٩)، وعقود الجمان (٢/ ٢٨).