مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف الحقيقة

صفحة 239 - الجزء 2

  له - وهو قوله: وضعت وخرج به أعنى قوله: فيما وضعت له الكلمة المستعملة فيما لم يوضع له، وهي - أعنى المستعملة فيما لم توضع له قسمان: أحدهما: الكلمة المستعملة غلطا في التلفظ مع القصد لغير ما استعملت فيه، كقولك: خذ هذا الكتاب مشيرا لفرس فلا تسمى حقيقة، لأنه أعنى: بالكتاب لم يوضع للفرس واحترزنا بقولنا مع القصد الخ من الغلط بدون القصد لغير ما استعملت فيه، كما إذا رأيت عمرا وظننته زيدا فقلت: جاء زيد فإذا هو عمر؛ فالغلط هنا في القصد، فقد استعملت فيما وضعت له في زعم المتكلم، ولو غلط في قصده؛ فهي حقيقة، ولا يقال: في الوجه الأول استعمال وضع فيحتاج إلى أن يراد فيما وضعت له قصدا لإخراج الغلط؛ لأنها وضعت للمعنى الذي وقع الغلط فيه بذلك الاستعمال إلا أنه لم يقصد؛ لأنا نقول: الوضع إما تعيين اللفظ للمعنى قبل الاستعمال؛ وإما كثر الاستعمال في الشيء حتى صار حقيقة فيه؛ وكلاهما منفي عن الغلط بالمعنى الأول.

  والآخر من القسمين: المجاز المستعمل في غير ما لم يوضع له مطلقا أعني لم يوضع له في اصطلاح التخاطب ولا في غيره - كقولك: رأيت أسدا في الحمام، فإن استعمل الأسد في الرجل الشجاع استعمال فيما لم يوضع له في اصطلاح ما ولا يقال: الأسد استعارة وسيأتي أنها موضوعة بتأويل دخول الرجل الشجاع في جنس الموضوع؛ فيصدق أنه كلمة استعملت فيما وضعت له في الجملة؛ لأنا نقول: إذا أطلق الوضع ولم يقيد بتأويل ولا تحقيق انصرف إلى الوضع بالتحقيق؛ وهو الذي لا تأويل فيه، فلا يتوهم دخول هذه الاستعارة.

  وخرج بقوله: فى اصطلاح التخاطب المجاز المستعمل فيما وضع له، لكن لا فى اصطلاح التخاطب، بل وضع له في اصطلاح آخر؛ وباعتبار اصطلاح التخاطب صار مجازا؛ لأنه فيه أعني: اصطلاح التخاطب - مستعمل في غير ما وضع له؛ كالصلاة إذا استعملها الشارع في الدعاء فإنها مجاز؛ لأنه استعملها في غير ما وضعت له في اصطلاحه؛ وإن كانت موضوعة له في اصطلاح اللغة؛ وإنما خرج نحو هذا لأنه لا يصدق عليه أنها كلمة استعملت فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب الذي هو