مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف الوضع

صفحة 241 - الجزء 2

  بالباء⁣(⁣١)، وقد علق به فيما وضعت له وهو مجرور بالباء لزم تعلق حرفين لمعنى واحد بمتعلق واحد؛ وهو ممنوع وأجيب عن هذا بأنه إنما يمتنع إن لم يعتبر تخصيصه بالمتعلق الأول بأن يعتبر عمومه بالنسبة للمتعلقين، وأما إن اعتبر خصوصه بالأول فيكون الأول متعلقا به وهو عام فخصصه، ويتعلق به الثاني بعد خصوصه فتختلف جهة التعلق جاز؛ كما قيل في قوله تعالى: {كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً}⁣(⁣٢) فإن من ثمرة تعلق به بعد تخصيصه بكونه من الجنة، ومن الجنة متعلق به وهو عام؛ وعلى هذا يكون التقدير هنا: الحقيقة: هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له؛ وهذا المقيد باستعماله فيما وضع له استعمل في اصطلاح التخاطب، فيرد إلى الصحة بأن يراد بالاصطلاح عليه عند المخاطب بكلامه، أو تجعل في للسببية؛ أي: استعملت في موضوع لها؛ وذلك الاستعمال بسبب رعاية اصطلاح لهذا المخاطب؛ بمعنى أن الاستعمال في ذلك الموضوع له لو لا الاصطلاح الذي للمخاطب بهذا الكلام لم يصح أنها استعملت فيما وضعت له؛ ولكن هذا التصحيح تكلف كما تقدم؛ يغني عنه تعلقها بوضعت فتعين العدول إليه، وقد أطنبت هنا لما في المحل من الحاجة إلى مزيد تدقيق وبسط؛ فليتأمل.

  ولما اشتمل تعريف الحقيقة على الوضع الذي إذا أطلق انصرف إلى الوضع بالتحقيق عرف الوضع بالتحقيق بقوله:

تعريف الوضع

  (والوضع) أي: مطلق وضع اللفظ، وإنما قلنا: مطلق الوضع؛ ليكون ما بعد مخرجا للوضع بالتأويل، وقيدنا باللفظ ليعلم كما دل عليه كلامه بعد أن المراد تعريف وضع اللفظ، لا تعريف الوضع الشامل لوضع الإشارة، والأمارة؛ ونحو ذلك.

  وهو (تعين اللفظ للدلالة على معنى) خرج بقوله: تعيين اللفظ تعيين نحو الإشارة باليد أو الرأس للدلالة؛ فلا يراد هنا كما ذكرنا، ومعنى تعيين اللفظ: أن يخصص من بين سائر الألفاظ بأنه لهذا المعنى الخاص ليفهمه منه عند ذكره العالم


(١) كذا فى المطبوع والصواب أن يقول: «بفى».

(٢) البقرة: ٢٥.