إنكار الوضع
إنكار الوضع
  (والقول بدلالة اللفظ) أي: وقول القائل: - وهو عباد الصيمري من المعتزلة - إن دلالة اللفظ (لذاته) لا بوضع الواضع، بل اللفظ بينه وبين معناه ارتباط اقتضته مناسبة ذاتية له بها دل على ذلك المعنى (ظاهره) أي: ظاهر هذا القول (فاسد) بمعنى أن هذا القول مما يتفق على فساده ما دام محمولا على ظاهره، لأن ظاهره أن اللفظ يفهم منه المعنى بالنظر لذاته، ويلزم بحصول ذاته عند السامع حصول المعنى لديه؛ لأن الأمر الذاتي لا يتخلف عن الذات فإذا تصور العقل ذات اللفظ تصور معه مدلوله؛ فتكون دلالته عقلية كدلالته على وجود اللافظ به؛ وإذا كانت عقلية استوت فيها العقلاء؛ فيلزم أن يفهم كل واحد كل لفظ في كل لغة، فيترتب على ذلك أنه لا يختص بلغة قوم على قوم وإذا فرض نقل لفظ إلى معنى مجازي بقرينة ليفهم منه ذلك المعنى المنقول إليه بالقرينة لم يصح، وكذا إذا نقل ليدل بالقرينة؛ لأن النقل عرضي فإذا أطلق ليفهم منه المعنى المنقول إليه دون معناه الأصلي لم يصح؛ لأنه يقتضي المعنى بذاته وما بالذات لا يتخلف بالعارض من نقل مجرد أو بقرينة، ويلزم منه أن لا يصح وضعه للضدين؛ لأنه وإن أمكن أن يناسب الشيء الضدين معا بجهتين مختلفتين يلزم عليه اجتماعهما عند الإخبار باللفظ الموضوع لهما عن شيء واحد؛ فالجون - مثلا - الموضوع للأبيض والأسود إذا قيل: هو جون فهم أنه أبيض وأسود معا، واللوازم كلها فاسدة؛ هذا إذا كان معنى قوله؛ يدل بذاته - أنه يدل بذاته الظاهرية؛ أي: من حيث إنه لفظ يدرك عند سماعه بخصوصه.
  وأما إن أريد أنه يدل بأمر يرجع إلى حال في ذات اللفظ الخاص فيكون ظاهرا مدركا عند السماع أو خفيا - فلا تترتب هذه اللوازم، ولكن يلزم عليه أن من أدرك ما صارت به ذات اللفظ دالة فهم المعنى فلا يتأتى النقل باعتبار هذه المدارك؛ وإلى هذا الاعتبار يشير من يقول: إن إدراك الدلالة الذاتية يخص الله به من يشاء ويدركه غيره منه بالتعلم؛ ويناسب هذا ما يحكى أن بعضهم كان يزعم أنه يفهم معنى اللفظ بطبعه، فقيل له: ما معنى آدغاغ؛ فقال: أجد فيه يبسا أظنه الحجر. وهو كذلك في لغة البربر.