القول في الحمد والشكر
  شيء، ومهما هنا اسم شرط مبتدأ، والمبتدأ ملزوم الاسمية والشرط ملزوم الفاء فى بعض الأحيان؛ ألزمت أما القائمة مقامها لصوق الاسم، ووجود الفاء بعده إبقاء فى الجملة لأثر المحذوف، وإقامة اللازم الذى هو الاسمية، والفاء مقام الملزوم الذى هو المبتدأ، والشرط وهو مهما. ويحتمل أن يراعى فى معنى الشرطية الفعل المطلوب لمهما وهو ظاهر، وإنما قيدنا ابتدائية مهما بهنا لأنها قد تكون فى غير هذا المكان مفعولا كقولنا: مهما تعطنى من شيء أقبل (فلما) قيل: إن لما هذه ظرف زمان بمعنى: حين يليها ماض لفظا كقولنا: لما جئتنى أكرمتك أو معنى كقولنا: لما لم تجئنى أهنتك تستعمل استعمال الشرط فى ربط شيء بمدخولها وهو التحقيق؛ لأن مواد استعمالها شاهدة بذلك، وقيل: إنها حرف شرط لما وقع؛ لوقوع غيره عكس لو، لا أنها لما لم يقع لانتفاء غيره، والمفاد فى أحد التقديرين قريب من الآخر، وإنما اختلف فى إعرابها اسما فتطلب عاملا أو حرفا فلا، وإنما قلنا لما هذه احترازا من لما أخت لم التى هى حرف جزم فليست محلا لهذا الاختلاف (كان علم البلاغة وتوابعها من أجل العلوم قدرا) أى: لما كان العلم الذى يفرق به بين الكلام البليغ وغيره وهو يشمل نوعين أحدهما: علم المعانى والثانى - علم البيان أى: لما كان هذان العلمان مع العلم الذى تعرف به الوجوه المحسنة للكلام البليغ وهو البديع من أعلى العلوم وأرفعها قدرا، ولا يلزم من كون هذه العلوم من أجل العلوم كونها أجلها جميعا، وإنما يلزم كونها من الطائفة التى هى أجل العلوم، فيصح أن يكون من تلك الطائفة ما هو أجل منها كعلم التوحيد والشرائع (و) كان من (أدقها) أى العلوم (سرا) أى سر هذا العلم مع تابعه من أدق أسرار العلوم، وأراد بسر العلم ما يدرك بذلك العلم ثم بين علة أدقية السر بقوله (إذ به) أى: بهذا العلم وتوابعه لا بغيره من سائر العلوم (تعرف دقائق العربية وأسرارها) والدقائق والأسرار بمعنى، وهى المعانى الدقيقة والحكم المعتبرة فى تراكيب البلغاء التى تفتقر إلى السليقة الكاملة العربية، والفطنة المتوقدة فى تعلم تلك الأسرار لا المعانى البادية فى مبدأ التأمل المدركة حتى للبلداء، فلما كان به تعرف دقائق العربية التى هى من أدق الدقائق لا ظواهرها كان من أدق العلوم سرا، ثم أشار إلى علة أرفعية القدر بقوله: (ويكشف عن وجوه الإعجاز فى نظم القرآن