القول في الحمد والشكر
  أستارها) أى: بالعلم المذكور وتوابعه دون سائر العلوم تكشف الأستار عن وجوه الإعجاز، أى: عن طريق البلاغة وأنواعها التى بها يحصل إعجاز الخلق عن المعارضة للقرآن فى نظمه وبلاغته، التى هى غاية مطابقته لمقتضى الحال، ونظم القرآن أسلوبه الخاص المقتضى لتناسب دلالة كلمه إفرادا وتركيبا؛ لكونه فى غاية المطابقة لمقتضى الحال فالنظم الخاص فيه مستلزم للبلاغة فيه، ولا يطلق النظم فى الجملة على جمع الكلمات كيفما اتفق من غير رعاية المناسبة فى المعنى، ومن غير رعاية المطابقة الذى وجوده فى القرآن محال، فلما كان هذا العلم مختصا بإدراك كون القرآن معجزا؛ لاشتماله على الدقائق والأسرار بالبلاغة التى بالاطلاع عليها يقطع بعجز الخلق عن معارضته، وذلك وسيلة للعلم برسالة نبينا ﷺ والتصديق برسالته ﷺ موجب للفوز فى الدنيا والآخرة، كان هذا العلم من أجل العلوم؛ لأن معلومه وغايته من أجل المعلومات وأجل الغايات، والعلوم إنما تتفاوت فى فوائدها وغايتها، ولما كانت المحسنات البديعية مؤكدة لحسن البلاغة، جعل لها مدخل فى الأجلية لأن المؤكد للشيء لا بأس أن يعطى حكم أصله، ولا يخفى أن ما به حصلت أدقية سره هو الآيل لما حصلت به أجليته، فلا يخلو الكلام من ضرب من التفنن والتأكيد، ثم إن فى كلام المصنف من جهة ما فيه من الاستعارة تمشيتين، إحداهما: أن يكون المصنف قد شبه أوجه الإعجاز وهى أنواع البلاغة وطرقها التى حصل بها الإعجاز، وتجمعها المطابقة لمقتضى الحال بالذكر والحذف، والتعريف والتنكير، والحقيقة والمجاز، والكناية، وغير ذلك مما لا ينحصر بالأشياء المحتجبة تحت الأستار، لخفائها إلا عن القليل ممن يصلح للاطلاع على جمالها بكشف أستارها، فأضمر التشبيه فى النفس استعارة بالكناية على ما سيجيئ تحقيقها إن شاء الله تعالى، ويكون حينئذ ذكر الأستار اللازمة للمشبه به استعارة تخييلية، والتعبير عن هذه الطرق بالوجوه إيهام وهو التورية، وذلك بأن يطلق اللفظ الذى له معنيان على أبعدهما وأقلهما استعمالا؛ وذلك لأن استعمال الوجه فى الجارحة المعلومة أقرب، ومثله قوله