مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

اللف والنشر

صفحة 525 - الجزء 2

  المراد بعدم التعيين كون اللفظ بحسب ظاهره محتملا، والضمير يحتمل الليل والنهار بحسب ظاهره، وإن كان مصدوقه في نفس الأمر هو الليل، وليس المراد به الاحتمال في نفس الأمر؛ إذ لا معنى له؛ لأنه لو أريد ذلك لم يتحقق لف ونشر أبدا؛ لتعين المراد في نفس الأمر بكل من أفراد النشر، ولأجل هذا قلنا: إن هذا التوهم ضعيف فلا ينبغي أن يلتفت إليه، ولو أورد في هذا المقام، ثم عطف على قوله: إما على ترتيب اللف قوله (وإما) أن يكون أعني: النشر (على غير ترتيبه) أي: على غير ترتيب اللف، وهو - أعني - القسم الذي يكون فيه النشر على غير ترتيب اللف قسمان: أحدهما: ما يكون نشره على عكس ترتيب اللف؛ بأن يكون الأول من النشر للآخر من اللف، والثاني من النشر للذي يليه الآخر من اللف، والثالث من النشر للذي يليه ما قبل الآخر من اللف، وهكذا (كقوله: كيف أسلو)⁣(⁣١) أي: كيف أصبر عنك، والاستفهام للإنكار، والنفي، أي: لا أسلو عنك (و) الحال أنك (أنت حقف) أي: مثل الحقف، وهو المتراكم من الرمل، ومثله النقا، وقيل: وهو الموافق لبعض أهل اللغة أن الحقف من الرمل ما فيه اعوجاج مع التراكم، والنقا ما فيه تراكم في الجملة، والمراد هنا المعنى الأول، شبه به ردف المرأة، أي عجيزتها، في العظم والاستدارة (وغصن) أي: وأنت مثل الغصن (وغزال) أي: وأنت مثل الغزال، ولما كان هنا تقدير مضاف، أي: كيف أسلو وردفك مثل الحقف، وقدك مثل الغصن، ولحظك مثل الغزال، أي: مثل لحظ الغزال، ووقع الإبهام بحذف ذلك المضاف، احتيج إلى تمييزه فأتى بالتمييزات على حسب هذه التقادير، فقيل (لحظا) هذا عائد كما لا يخفى على الغزال، وهو الآخر من اللف عاد إليه أول النشر (وقدا) هذا عائد كما لا يخفى إلى الغصن، وهو الذي يليه الآخر من اللف عاد إليه ما بعد الأول من النشر (وردفا) هذا كما لا يخفى أيضا عائد إلى الحقف، وهو الأول من اللف عاد إليه الذي يلي ما بعد الأول من النشر، فكان هذا من عكس الترتيب، والثاني ما يكون نشره مخلوطا؛ فيعود الأول مثلا من النشر للآخر من اللف، ويكون الثاني منه للأول من اللف، والآخر منه للوسط من اللف، كقولنا: هو شمس


(١) البيت لابن حيوس فى ديوانه (٢/ ٤٧)، والمصباح ص (٢٤٧)، والإيضاح ص (٣٠٢).