مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

فصاحة الكلام

صفحة 124 - الجزء 1

  أى وتسعدنى بالفوز بالغنائم والنجاة فى شدة بعد شدة فرس سبوح أى: حسنة العدو لا تتعب راكبها فكأنها تسبح على الماء، ويوصف بسبوح المذكر والمؤنث، ثم وصف الفرس بدلائل نجابتها بقوله: لها منها عليها شواهد أى: لتلك الفرس شواهد عليها أى: تشهد على نجابتها حال كون: تلك الشواهد كائنة منها، لأن علامة نجابة الفرس توجد فى خلقتها غالبا، فشواهد فاعل بلها، أو مبتدأ ولها: خبره، وعليها: متعلق بشواهد، ومنها: حال من «شواهد» (و) تتابع الإضافات (كقوله:

  حمامة جرعا حومة الجندل اسجعى) ... فأنت بمرأى من سعاد ومسمع⁣(⁣١)

  فحمامة: مضافة إلى جرعا، وهو تأنيث الأجرع: وهو المكان ذو الحجارة السود، أو مكان الرمل الذى لا ينبت شيئا، وجرعا: مضاف إلى حومة: وهى معظم الشيء، وحومة: مضاف إلى الجندل بسكون النون: وهو الحجر والمراد به هنا مكان الحجارة، فهو بمعنى الجندل: بفتح النون وكسر الدال، وقوله: فأنت بمرأى من سعاد ومسمع أى: أنت حيث تراك سعاد وتسمع كلامك، كذا نقل عن الصحاح. فلا يصح كما قيل: أن يكون المعنى: فأنت بحيث ترين سعاد وتسمعين كلامها لهذا الدليل النقلى، وكذا لا يصح من جهة التصرف العقلى أيضا، وهو أن الأمر بالسجع - الذى هو هنا هدير الحمام وشبهه، لما نزلت الحمامة فيه بالنداء والأمر به منزلة العاقل المأمور بالتغنى - كان الغرض منه إسماع الغير لإسماع المأمور للغير كذا قيل وفيه أن هذا إنما يتجه فى مقام يكون الغرض فيه ترويح السامع وتنزيهه لما يسمع من السجع مثلا، وأما إن كان المقام مقام إظهار أن المأمور فى موضع النشاط والطرب برؤية المحبوب وسماع كلامه كان المناسب اسجعى اهتزازا وطربا من شهود سعاد وسماع كلامها (وفيه) أى: وفيما قاله هذا القائل من أن الخلوص من تتابع الإضافات وكثرة التكرار يحتاج إلى زيادة فى الحد (نظر) لأن كثرة التكرار، وتتابع الإضافات إن أوجبا ثقلا لسانيا - فقد وقع الاحتراز منهما بالخلوص من التنافر، وإن لم يوجباه، فلا يحترز منهما،


(١) البيت لابن بابك أبى القاسم عبد الصمد بن بابك في الإيضاح ص ١٨، والإشارات والتنبيهات ص ١٣، والتبيان للطيي ٢/ ٥٢٨.