(أحوال الإسناد الخبرى)
  فى حقه لا يجب، فيزداد درجة الوجوب بجعله كالمنكر، والمراد بالوجوب شدة التأكيد وإنما يجعل غير المنكر كالمنكر (إذا لاح) أى: بأن (عليه شيء من أمارات الإنكار) والمراد بأمارات الإنكار ههنا ما يناسب باعتبار حال من ظهرت تلك الأمارات عليه كونه منكرا فى زعم المتكلم، لا الأمارات الموجبة لظن الإنكار، وإلا كان تأكيد الكلام ظاهريا لا تنزيليا وذلك (نحو) قوله:
  (جاء شقيق عارضا رمحه ... إن بنى عمك فيهم رماح)(١)
  فإن مسمى شقيق لما جاء، وقد وضع رمحه على عرض أى: جانب، يقال: عرض السيف على فخذيه، وعرض العود على إناء إذا وضع كلا منهما فيما ذكر على جانب، ولم يجئ على هيئة المتهيئ لمجرد الفرار أو للدفاع مع الفرار لخوفه من بنى عمه؛ لأن جبنه وقلة فائدته وضعف بنيته فى زعم الشاعر يقتضى له هيئة الدفاع مع الفرار، لا هيئة من لا يبالى بأعدائه من بنى عمه، حتى يضع رمحه على تلك الهيئة نزل منزلة من أنكر أن في أعدائه من بنى عمه رماحا: جمع رمح، على أن تكون فى بمعنى عند، أو جمع رامح ولما نزل منزلة المنكر لالتباسه بما يناسب الإنكار باعتبار جبنه وضعفه - وهو عرض رمحه - خوطب على وجه التأكيد بقوله: إن بنى عمك فيهم رماح، وهو لا ينكر أن فى بنى عمه رماحا، وفى الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب؛ لأن شقيقا اسم ظاهر علم، وهو من قبيل الغيبة، والكاف فى بنى عمك خطاب، ثم إن قال ذلك فى حضرة شقيق ففيه التفات من خطابه إلى الغيبة التى فى الاسم الظاهر فيكون فى الكلام التفاتان وفى البيت التهكم بشقيق، وأنه لو علم رماحا فى بنى عمه لم يكن إلا بصدد التهيؤ للفرار عند النزال والتبرى من أمارات الشجاعة وأمارات قلة المبالاة بالكفاح فى مجامع الرجال، ويحتمل أن يكون المعنى: أنه لو علم أن فى بنى عمه رماحا ما قويت يده على حمل الرماح لجنبه وضعفه ولكن المناسب حينئذ: جاء شقيق برمحه لأن المراد أنه لا يناسبه استصحاب الرمح أصلا كالمرأة، ويحتمل أنه عبر بوضع الرمحل على استصحابه، وهذا التهكم فى شقيق جار على طريقة قوله:
(١) البيت لحجل بن نضلة الباهلى في شرح عقود الجمان ١/ ٣٩، والمصباح ص ١١، والإيضاح ص ٢٤.