الحقيقة والمجاز العقليان
  الغير بحسب الظاهر؛ لأنه هو المذكور فى تعريف الحقيقة، فلهذا خصص الترديد بهما، ولكن لا يخفى أن التفسير بالعموم يحتاج إلى التقييد؛ لأنه إنما يتجه إن سلم أن أحد الاحتمالات السابقة لا يتبادر منه، وأما إن ادعى أن المتبادر من غير ما هو له إنما هو الغير عند المتكلم فيما يظهر من حاله أو الغير فى الواقع فقط، أو الغير فى الاعتقاد فقط، أو فيهما لم يتجه ولم يتم تأمله.
  ثم (ملابسات شتى) جمع شتيت، كمريض ومرضى بمعنى مفترقة مختلفة، ثم أشار إلى تسمية تلك الملابسات فقال: (يلابس الفاعل والمفعول به والمصدر والزمان والمكان والسبب) سواء كان عقليا أو عاديا أو شرعيا وأما غير ما ذكر من متعلقات الفعل، فلا يسند لها الفعل، ولو كان ملابسا له بالتعلق كالمفعول معه والحال والتمييز فلم يتعرض لها لأن المراد الملابسات التى يسند الفعل لها (فإسناده) أى: الفعل (للفاعل) إذا كان مبنيا له كقولنا قام زيد حقيقة (و) إسناده (للمفعول به إذا كان مبنيا له) كقولنا: ضرب بكسر الراء زيد (حقيقة) أيضا (كما مر) من الأمثلة فى قولنا: أنبت الله البقل إلى آخرها، وهذا فى أمثلة الفاعل وأمثلة الإسناد للمفعول به أو شبهه ظاهرة، وقد تقدم بعضها فى الشرح (و) إسناده (إلى غيرهما) أى: إلى غير الفاعل فى المبنى له ويدخل فى الغير المفعول به، وإلى غير المفعول به فى المبنى له ويدخل فى الغير الفاعل كما يدخل فى المفعول المجرور والظرف (للملابسة) أى: إسناد الفعل لغير ما بنى له لأجل مشابهة ما بنى له بغيره فى ملابسة الفعل لهما (مجاز كقولهم) فيما بنى للفاعل وأسند للمفعول مجازا ({عِيشَةٍ راضِيَةٍ})(١) فإن العيشة مرضية، وإنما الراضى صاحبها (و) كقولهم فيما بنى للمفعول وأسند للفاعل مجازا (سيل مفعم) فإن السيل مفعم بكسر العين: أى مالئ لا مفعم بالفتح أى: مملوء يقال: أفعمت الإناء ملأته ماء (و) كقولهم فيما بنى للفاعل وأسند للمصدر مجازا (شعر شاعر) فإن الشاعر صاحب الشعر لا الشعر، إلا أنه يحتمل أن يراد بالشعر المشعور به لا المصدر الذى هو نفس الشعر فيكون من باب عيشة راضية، فالأولى التمثيل بنحو: جد جده؛ لأن الجد مصدر أسند إليه فعل الفاعل (و)
(١) الحاقة: ٢١.