مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

ذكر المسند إليه

صفحة 194 - الجزء 1

  بتكريره أن اسم الإشارة يكون لقصد التمييز لاختصاص المسند إليه بحكم بديع فيحصل الغرض من تشريفه بذلك الحكم فى أذهان السامعين، فحيث قرر هنا بالتكرير أفاد أن كلا من الحكمين وهما الهدى فى العاجل والفلاح فى الآجل كاف في إيجابه قصد التميز لشرفه وحده، ولو لم يكن مع الآخر اللازم له بخلاف ما لم يقرر اسم الإشارة ثانيا، وأخبر بالحكمين معا فلا يحصل هذا المعنى الذى أفاده التقرير بأن يفيد أن مجموع الحكمين هو المفيد لقصد التمييز لا كل على حدة فتأمله؛ فإنه من السهل الممتنع (أو لإظهار تعظيمه) لكون اسمه مما يدل على تعظيمه نحو أمير المؤمنين حاضر وعالم الدنيا يكلمك وشريف أهل وقته يخاطبك (أو إهانته) أى: يذكر لإفادة ذكره إهانة المسند إليه لكون اسمه مما يدل على إهانته، فإذا قيل: هل حضر زيد؟ فتقول حضر ذلك اللئيم (أو للتبرك بذكره) كأن يكون المسند إليه مجمع البركات، فإذا قيل مثلا: هل قال هذا القول رسول الله ؟ فتقول: نبينا قال هذا القول. ويكفى فى الجواب لو لا نحو هذا القصد أن يقال: نعم أو قاله ليعلم أن قائله النبى (أو استلذاذه) بأن يكون فى ذكره لذة عند المتكلم، فإذا قيل مثلا: هل حضر حبيبك فلان؟ فتقول: الحبيب فلان حاضر، ويكفى لو لا هذا القصد حضر (أو) ل (بسط الكلام) والإطناب فيه بذكر المسند إليه ولو دل الدليل عليه، وذلك (حيث) أى: فى زمان أو فى مكان (الإصغاء) فيه من السامع (مطلوب) لكون السامع يبتهج بسماعه الخطاب وتفزع بمكالمته مهج الألباب، ومن هذا المعنى يطال الكلام مع الأحباء وأشراف القدر تعظما بكلامهم وتشرفا بخطابهم وتلذذا بسماعهم، وعلى هذا نحو قوله تعالى حكاية عن موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسّلام {هِيَ عَصايَ}⁣(⁣١) أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها حين قال له تعالى {وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى} وكان يكفيه فى غير هذا المقام: عصا؛ لأن ما للسؤال عن الجنس؛ لأنه زاد المبتدأ وأجاب بالشخص المتضمن للجنس، فإن قيل: فلم زاد الوصف؟ قلنا: لأن السؤال بما قد يكون عن الوصف، فلعله جوز أن يكون السؤال عن الوصف والجنس معا فأجاب بما ذكر مع ما اقتضاه من


(١) طه: ١٨.