تعريف المسند إليه بالعلمية
  المعرف بلام العهد، والعلم بالصلة فى الموصول، وحضور المشار إليه فى اسم الإشارة، ويحقق العهد فى المضاف فلا يبقى إلا العلم فيكون قوله باسم مختص به ضائعا تأمله.
  (نحو {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ})(١) أى: الشأن الله أحد، فهذا المقام مقام التوحيد، والعلمية أنسب به من سائر المعارف لما ذكر فى مفاده الموجب لقطع مادة توهم الاشتراك والله علم منقول من إله بعد إسقاط الهمزة، وزيادة لام التعريف عوضا عنها على ذات واجب الوجود الخالق للعالم من غير أن يكون مفهومه هذه الأوصاف؛ بل مدلوله هوية الواجب الأعظم وحقيقة الملك الأقدم، فهو جامع للذات والصفات وليس مدلوله مفهوم الإله الذى هو المعبود بالحق كما قيل، وإلا لم يكن قول لا إله إلا الله مفيدا للتوحيد؛ لأنه يكون المعنى لا إله إلا المعبود بالحق، وحصر الألوهية فى المعبود بالحق لا يقتضى وحدانيته؛ لأنه كلى يصح وجوده باعتبار نفس مفهومه فى ضمن أفراد والإجماع على إفادته التوحيد، فيبطل هذا التقرير، وأيضا لو كان كذلك لزم إن كان المستثنى منه المعبود بالحق استثناء الشيء من نفسه، وإن كان المعبود بالباطل لم يصح هذا الكلام أصلا لوجود المعبود بالباطل كثيرا، ويكون الاستثناء فيه حينئذ منقطعا (أو تعظيم أو إهانة) أى: ويعرف المسند إليه بالعلمية، ليفيد تعظيما لإشعاره به، لكونه من الألقاب الدالة على ذلك، أو ليفيد إهانة لإشعاره بها كما إذا قيل فى التعظيم هذا عليّ حضر وفى الإهانة هذا أنف الناقة حضر (أو كناية) أى: يعرف المسند إليه بالعلمية ليكون كناية عن معنى يستفاد منه باعتبار أصل وضعه قبل النقل، فيقال مثلا أبو لهب قال كذا) لينتقل منه إلى كونه جهنميا؛ لأن أبا لهب باعتبار أصل الوضع يشعر بملابسة لهب النار كما يقال أبو الشر، وأبو الخير، وأخو الحرب، لملابس هذه الأشياء فإطلاقه إطلاقا علميا يمكن معه الشعور بالأصل مع القرائن، والشعور بالأصل يمكن معه الشعور بملابسة النار المخصوصة مع القرائن، وهو أنه جهنمى وفى هذا الاستعمال انتقال من الملزوم إلى اللازم فى الجملة، وهذا القدر كاف فى هذا المقام فى تسمية هذا الانتقال الذى قد يقصد كناية من غير اشتراط شروط الكناية المخصوصة المعلومة، وأما القول
(١) الإخلاص: ١.