مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تنكير المسند إليه وأغراض ذلك

صفحة 224 - الجزء 1

  المضارة أضيف الولد لكل منهما استعطافا لهما عليه أن لا يصدر منهما ضرر بصاحبه يؤذى به ولده إلى غير ذلك من اللطائف التى لا تنحصر.

تنكير المسند إليه وأغراض ذلك

  (وأما تنكيره) أى: أما إيراد المسند إليه نكرة (فللإفراد) أى: للقصد إلى مفرد أما إذا قلنا إن النكرة موضوعة للوحدة الشائعة فدلالة النكرة على المفرد ظاهرة، وأما إن قلنا إنها موضوعة للحقيقة من حيث هى فإفادتها الإفراد باعتبار الاستعمال الأصلى؛ لأن الحقيقة يكفى فى تحققها فرد واحد وهذا هو الاستعمال الغالب فى النكرة كما تقدم، وقوله للإفراد يعنى: لأن المقام لا يناسبه غير المفرد، إما لأن الحكم المراد فى المقام ليس لغيره (نحو) قوله تعالى {وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى})⁣(⁣١) فإذا كان الحكم لمفرد فالعدول لغيره خروج عما يناسب المقام، والزيادة عليه زيادة على قدر الحاجة، وهى من اللغو ومن هنا كان التعبير بالنكرة عن المفرد من باب البلاغة، فلا يقال دلالة النكرة على المفرد أمر لغوى وقد تقدم مثل هذا، وإما لينشأ عن الأفراد غرض آخر يناسب المقام يتضح عند الاستعمال ودخل فى الأفراد أفراد المثنى كقولنا جاءنى رجلان أى: فرد من ما صدقات المثنى، وأفراد الجمع كقولنا جاءنى رجال أى: فرد من ما صدقات الجمع (أو النوعية) أى: ينكر المسند إليه لإفادة النوعية؛ لأن النوع فرد باعتبار سائر الأنواع، وإنما يشار للنوعية لغرض من الأغراض إما للإيماء إلى أن هذا نوع غير متعارف وإما للإشارة إلى أن الحكم من أحكام النوعية لا من أحكام الجنسية أو الفردية مخافة توهم ذلك، وينبغى أن يتنبه لكون إفادة التنكير لما ذكر إنما هو بمعونة القرائن والمقام، وإما لغير ذلك ومما فيه التنوين للنوعية المشار بها إلى نوع غير متعارف (نحو) قوله تعالى ({وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ})⁣(⁣٢) أى: نوع من الأغطية وهو غطاء التعامى عن آيات الله تعالى، وإنما قلنا التعامى للإشارة إلى أنهم يعرفون حقيقة الآيات ويظهرون خلاف ذلك فالحاصل منهم التعامى لا العمى الذى هو عدم ظهور الآيات


(١) القصص: ٢٠.

(٢) البقرة: ٧.