رأى العلامة عبد القاهر الجرجاني
رأى العلامة عبد القاهر الجرجاني
  (وقد يقدم) المسند إليه (ليفيد) ذلك التقديم (تخصيصه) أى تخصيص المسند إليه (بالخبر الفعلى) يعنى بنفيه بمعنى إفادة أن نفى الفعل مخصوص بالمسند إليه على الوجه الذى أثبته المخاطب إن أثبته عاما أفاد النفى تخصيص المسند إليه بنفى الفعل الثابت عاما فيقتضى ثبوت ذلك الفعل للغير عاما فيثبت تخصيص المسند إليه بالسلب والغير بالإثبات على الوجه المدعى وإن أثبته خاصا ويدل على أن المراد التخصيص بالسلب قوله (إن ولى) المسند إليه (حرف النفى) أى وقع المسند إليه بعد حرف النفى بلا فصل بينهما؛ لأن أصل الولى الاتصال وذلك (نحو: ما أنا قلت هذا) فهذا كلام مع من يعتقد أن هذا القول صدر منك فقط أو منك مع غيرك إن سلمت له ثبوت أصل القول، وخطأته فى كون الفاعل أنت فقط إذا اعتقد التخصيص فيكون قصر قلب، أو أنت مع المشارك إذا اعتقد المشاركة فيكون قصر أفراد فالمراد نفى الفاعل عن القائلية بالوحدة أو بالمشاركة على حسب اعتقاد المخاطب دون نفى أصل القول فتقول: ما أنا قلت هذا القول (أى: لم أقله) أنا دون غيرى إذا ادعى المخاطب الانفراد أو لم أقله مشاركا لغيرى إذا ادعى المشاركة (مع أنه مقول لغيرى) أى: لم أقله كما تزعم أيها المخاطب على الوجهين ولكنه مقول لغيرى دونى فاختصصت بالنفى، فالأول قصر قلب والثانى قصر أفراد، ولا يلزم من هذا ثبوته لكل من سواك بل يكفى فى اختصاص النفى عند الثبوت للغير أن يكون على حسب اعتقاد المخاطب إن اعتقد أن الغير المشارك أو المنفرد أنت عنه بالفعل معين كان الإثبات لمعين أو غير معين كان الإثبات له فقد تحقق بهذا أن الاختصاص المصرح به اختصاص بالنفى، وفى ضمنه اختصاص الغير بالإثبات، (ولهذا) أى: ولأن التقديم مع موالاة النفى يفيد التخصيص بمعنى نفى الحكم عن المذكور، وثبوته للغير على وجه العموم أو الخصوص (لم يصح) أن يقال: (ما أنا قلت هذا ولا غيرى)؛ لأن فى ضمن: ما أنا قلت هذا أن الغير قاله ليتحقق الاختصاص بالنفى والتصريح بأن الغير لم يقله ينافيه إذ لا يختص المسند إليه بالنفى حينئذ، (ولا) صح: (ما أنا رأيت أحدا)؛ لأن أحدا نكرة فى سياق النفى، فهو فى قوة: ما أنا رأيت زيدا وعمرا وخالدا إلخ، واختصاص المسند إليه بسلب الرؤية المتعلقة بجميع الأفراد يقتضى أن ثم من