مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

رأى العلامة عبد القاهر الجرجاني

صفحة 251 - الجزء 1

  الخطاب للرد على من زعم مشاركة الغير للمسند إليه فى الحكم (بنحو: وحدى) ومنفردا وغير مشارك، وليس معى غيرى ونحو ذلك؛ لأن الانفراد المدلول لما ذكر ينفى الاشتراك المتوهم إذ لا واسطة بينهما، وما يقتضى نفى المشاركة باللزوم البين أنسب فى الاستعمال لأن الغرض نفى الشبهة المخالجة أى المخالجة لقلب السامع، وما هو فى دفعها أصرح كالانفراد أولى بالتأكيد به بخلاف ما لو قيل فى الأول وحدى، وفى الثانى لا غيرى ولو كان ذلك يفيد ما ذكر فليس كما ذكر فى الصراحة، (وقد يأتى) تقديمه (لتقوى الحكم) هو مقابل قوله فقد يأتى للتخصيص ومعنى تقوى الحكم تقرير نسبة الفعل الذى هو الخبر فى ذهن السامع، وتحقيقها فيه دفعا لتوهم كون النسبة مظنة النفى وكونها مما يرمى بها من غير تحقق، ولا يلزم من هذا التقوى وجود التخصيص إذ ليس فى تحقق النسبة على الوجه المذكور ما يقتضى انتفاءها عن غير المسند إليه، وذلك (نحو) قول القائل: (هو يعطى الجزيل) بمعنى أن إعطاء الجزيل أمر محقق من المسند إليه، وإنما أفاد مزيد التقرر؛ لأن المبتدأ طالب للخبر، فإذا ذكر الفعل بعده صرفه لنفسه فيثبت له ثم الخبر لما كان فعلا ينصرف لضميره المتضمن له وهو عائد على المبتدأ فيثبت له مرة أخرى فصار الكلام بمثابة أن يقال: يعطى زيد الجزيل يعطى زيد الجزيل هذا إذا كان الفعل مثبتا (وكذا إذا كان الفعل منفيا) بحرف مؤخر عن المسند إليه فقد يأتى أيضا التقديم للتخصيص، وقد يأتى للتقوى فتقديم التخصيص نحو: أنت ما سعيت فى حاجتى إذا قصد المتكلم تخصيص المخاطب بعدم السعى فى حاجته وأن غيره هو الساعى فى حاجته، وتقديم التقوى (نحو: أنت لا تكذب) حيث لا يقصد المتكلم تخصيص المخاطب بنفى الكذب بمعنى إن غيره هو الكاذب دونه بل قصد تقرير الحكم وتحقيقه لما فيه من الاشتمال على الإسناد مرتين على ما تقدم (فإنه) حيث يقصد التقوى دون التخصيص (أشد لنفى الكذب) عن توهم السامع (من) قول القائل (لا تكذب) يا زيد لأن الأول قد اشتمل على الإسناد مرتين أحدهما إلى المبتدأ والآخر إلى الفاعل على ما تقدم، بخلاف الثانى فلم يشتمل إلا على إسناد واحد، وهذا المثال ولو كان صالحا للاختصاص لكن الغرض منه هو التقوى ليتفرع عليه بيان الفرق بين التأكيد للنسبة