مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

رأى العلامة عبد القاهر الجرجاني

صفحة 252 - الجزء 1

  والتأكيد للمحكوم عليه كما أشار إلى ذلك بقوله (وكذا) أى: وكما أن أنت لا تكذب أشد لنفى الكذب من لا تكذب، فهو أيضا أشد لنفى الكذب (من) قول القائل (لا تكذب أنت) وإنما كان أشد منه مع أن فيه التأكيد فى الجملة (لأنه) أى: لأن مفيد التأكيد، وهو لفظ أنت من لا تكذب أنت إنما سيق (لتأكيد المحكوم عليه)، وتقريره حتى لا يتوهم أنه غير ضمير المخاطب، وأنه أسند الحكم للضمير تجوزا أو سهوا أو نسيانا (لا) لتأكيد (الحكم) لعدم اشتماله على تكرر الإسناد على الوجه السابق وإنما فيه تقرير المسند إليه لئلا يتوهم أن المحكوم عليه غيره، وليس فيه التعرض للنسبة التى هى الحكم إلا مرة واحدة وقد فهم من بيان علة التقوى أن التخصيص لا يخلو عن التقوى؛ لأنه مشتمل على الإسناد مرتين لكن فرق بين أن يكون الشيء مقصودا بالذات، وأن يكون حاصلا بالتبع وهذا التفصيل وهو أن ما لم يتقدم فيه حرف النفى على المسند إليه تارة يفيد التقديم فيه التخصيص، وتارة يفيد التقوى بحسب قصد المتكلم إنما هو إذا بنى الفعل على معرف مضمرا كان، أو مظهرا (وإن بنى) الفعل (على منكر) أى: أخبر به عن منكر (أفاد) التقديم حينئذ (تخصيص الجنس) بالخبر الفعلى دون الجنس المقابل لجنس المسند إليه (أو) أفاد تخصيص (الواحد) من ذلك الجنس (به) أى: بالخبر الفعلى دون اثنين أو ثلاثة من ذلك الجنس، وذلك (نحو رجل جاءنى أى: لا امرأة) حيث يقصد المتكلم أن الجائى من جنس الرجال لا من جنس النساء، فيكون من تخصيص الجنس (أو) نحو رجل جاءنى (لا رجلان) حيث يقصد أن الجائى واحد من جنس الرجال لا اثنان منه، فيكون من تخصيص الوحدة، وإنما صح التخصيصان فيما فيه البناء على منكر؛ لأن اسم الجنس مشعر بمعنيين عند استعماله فى الماصدقات سواء قلنا إنه موضوع للحقيقة، أو لفرد مبهم منها الجنسية، والعدد فإن كان مفردا ففيه الجنسية والوحدة، أو مثنى ففيه الاثنينية والجنس، أو جمعا ففيه الجمعية والجنس، فإذا حكم عليه على وجه تخصيص الفعل به فقد ينصرف التخصيص إلى الجنسية فيكون ما انتفى عنه الفعل هى الجنسية المقابلة للمحكوم عليها فيقال فى المفرد رجل جاءنى أى: لا امرأة، وفى المثنى رجلان جاآنى أى: لا امرأتان، وفى جمع رجال جاءونى أى: لا نساء إذا كان