مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

موافقة السكاكي لرأى عبد القاهر

صفحة 254 - الجزء 1

  لا يمنع من التخصيص فإذا انتفى هذا الوجه وجب التقوى، فليس عنده ما يجوز فيه إرادة التقوى والتخصيص فقد تبين بهذا أن الشيخ حاصل مذهبه التفصيل إلى ما يجب فيه التخصيص، وإلى ما يجوز فيه التقوى والتخصيص وشرط فى الأول تقديم النفى فقط، والسكاكى حاصل مذهبه التفصيل إلى ما يجب فيه التخصيص، وإلى ما يجب فيه التقوى، وشرط فى الأول كون المسند إليه فاعلا معنى فقدر التقديم عن تأخير، مع كون النكرة بلا مانع فالسكاكى خالف الشيخ فى التفصيل وفى شروط تحقيق طرفى ذلك التفصيل، وإلى هذا أشار بقوله (إلا أنه قال) أى: السكاكى (التقديم) للمسند إليه عن الخبر الفعلى (يفيد الاختصاص) أى: اختصاص المسند إليه بذلك الخبر الفعلى (إن جاز تقدير كونه) أى: المسند إليه (فى الأصل مؤخرا على أنه فاعل معنى فقط) لا لفظا بمعنى أنه إذا قدر مؤخرا لا يكون فاعلا فى الاصطلاح؛ بل تأكيد كما إذا كان ضميرا منفصلا، والفعل متصل بمرادفه فهو فاعل من جهة المعنى؛ لأن مدلوله هو مدلول مرادفه وذلك (نحو أنا قمت) فإنه يجوز أن يقدر أن أصله قمت أنا، وعليه يكون أنا فاعلا من جهة المعنى؛ لأنه مرادف للفاعل وهو التاء لكنه فى الاصطلاح توكيد لا فاعل، والسر فى إفادة هذا التقديم للاختصاص أن تأخير الضمير فى نحو هذا الكلام مصحح للعطف، والعطف يقتضى المشاركة والتقديم ينفى صحة المشاركة التى تحصل بالعطف ونفى المشاركة تخصيص، ولا يخفى أن هذه ملحة تحسينية لا تحقيقية فإن المنفى بالتخصيص هو الاشتراك فى الاعتقاد، أو هو الانفراد بالحكم فى الاعتقاد لا الاشتراك الذى يوجبه العطف، وإلا اختص القصر بالإفراد تأمله.

  (وقدر) معطوف على قوله جاز بمعنى أن إفادة التخصيص تتوقف على شيئين: أحدهما: جواز تقديره مؤخرا على أنه فاعل معنى، والآخر: حصول ذلك التقدير من المتكلم، ومتى لم يجز التقدير أو جاز وغفل المتكلم عن التقدير لم يفد التخصيص، بل يفيد التقوى، وإلى هذا أشار بقوله (وإلا) يجوز تقديره مؤخرا على أنه فاعل معنى، أو جاز ولم يحصل ذلك التقدير قصدا أو غفلة (فلا يفيد) التقديم حينئذ (إلا تقوى الحكم) كما مر من اشتماله على الإسناد مرتين، فالتقوى متى انتفى أحد الأمرين متعين (سواء