مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

موافقة السكاكي لرأى عبد القاهر

صفحة 269 - الجزء 1

  عن كل فرد نقول: لا يلزم من إفادة الإسناد إلى كل للمعنى الأول فى الأولى، وللمعنى الثانى فى الثانية كون كل تأكيدا عند وروده فى الجملتين فيلزم ترجيح التأكيد على التأسيس وذلك (لأن النفى عن الجملة فى الصورة الأولى) وهى الموجبة المهملة المعدولة المحمول التى هى نحو إنسان لم يقم (و) النفى (عن كل فرد فى) الصورة (الثانية) وهى السالبة المهملة التى هى نحو لم يقم إنسان (إنما أفاده) أى: إنما أفاد النفى المذكور فى الصورتين قبل ورود كل (الإسناد إلى ما أضيف إليه كل) وهو فى المثالين لفظ إنسان (وقد زال ذلك الإسناد) الكائن إلى ما أضيف إليه كل المفيد للمعنى المذكور فى الصورتين (بالإسناد إليها) أى: زال الإسناد إلى ما أضيفت إليه كل بالإسناد إلى كل وإذا زال (ف) حينئذ (يكون) إفادة المعنى بإسناد آخر لا بالإسناد الأول ولو كان المعنى المفاد واحدا والتأكيد لفظ أفاد تحقق ما أفاده لفظ آخر موجود معه في إسناد واحد، ولم تكن كل مفيدة بهذا الوجه ولا يكون تأكيدا بل يكون (تأسيسا) لأنه أفاد معنى بإسناد آخر فليس فيه إلا ترجيح أحد التأسيسين على الآخر لا ترجيح التأكيد على التأسيس، وهذا المنع متجه إن أريد بالتأكيد ما ذكر، وهو الاصطلاحى بأن يكون لفظ أفاد تحقق ما أفاده لفظ آخر فى إسناد واحد، وإن أريد بالتأكيد لفظ لو سقط عن التركيب أفاد الكلام الإسناد إلى غيره ما يفيده بالإسناد إليه، فلا يتصور كون الإسناد إلى كل تأسيسا؛ لأنه لو سقط وأسند إلى ما أضيفت إليه أفاد الكلام ذلك المعنى بعينه فلا تكون إلا تأكيدا بهذا الاعتبار، ولكن حينئذ يتوجه ما أشار إليه بقوله (ولأن) الصورة (الثانية) وهى السالبة المهملة نحو لم يقم إنسان (إذا أفادت النفى عن كل فرد) لورود موضوعها نكرة فى سياق النفى على ما تقدم (فقد أفادت النفى عن الجملة) أى: عن المجموع الذي إنما تحقق فيه النفى عن البعض وذلك لأن السلب عن كل فرد متضمن للسلب عن البعض (فإذا حملت) كل (على) المعنى (الثانى) وهو النفى عن الجملة الصادق بالبعض فكان معنى (لم يقم كل إنسان) نفى القيام عن الجملة الذى تحقق فيه النفى عن البعض لا نفى القيام عن كل فرد (لا يكون) كل فى هذا الحمل (تأسيسا) لأن التأسيس يعنى به اللفظ الذى لو سقط عن الجملة لم يبق فيها ما يفيد معناه، ولا شك أن كلا على تقدير إفادته النفى عن الجملة فى هذه الصورة الثانية لو