مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

موافقة السكاكي لرأى عبد القاهر

صفحة 270 - الجزء 1

  سقط أفاد ما أضيفت إليه النفى عن الجملة ضمنا أيضا فيكون كل تأكيدا على كل حال، فلا يكون فى الجمل المذكور ترجيح تأسيس على تأكيد، كما قال ذلك القائل؛ بل ترجيح تأكيد على تأكيد؛ لأن كلا إن أفادت النفى عن كل فرد فقد صحت إفادته بدونها صراحة لكون المسند إليه نكرة فى سياق النفى فتكون تأكيدا، وإن أفادت النفى عن الجملة، فقد صحت إفادته بدونها ضمنا؛ لأن النفى عن كل فرد فيه النفى عن الجملة، فتكون تأكيدا - أيضا - ولا يخرجها عن التأكيد كون الإفادة فيما إذا لم تكن كل ضمنية، وفيما إذا كانت مطابقية؛ لأن حاصله اختلاف الدلالتين، ولو اعتبر ذلك فى تحقق التأسيس، ونفى التأكيد كان كل إنسان لم يقم إذا حمل على النفى عن الجملة تأسيسا بالنسبة إلى قولنا إنسان لم يقم المفيد للنفى عن الجملة، كهو أيضا لأن وجه الدلالة مختلف؛ لأن الأول فيه تحقق النفى عن الجملة صريحا، والثانى مدلوله النفى عما صدق عليه إنسان صريحا مستلزما للنفى عن الجملة فعليه يكون كل إنسان لم يقم على تقدير دلالته على النفى عن الجملة تأسيسا لاختلاف الدلالتين ولا يقول به ذلك القائل، وأنت خبير بأن المنع الأول المردود يعم الصورتين، والمنع الثانى يختص بالثانية ولقائل أن يقول ليس هنا تأكيد على كل حال، وإنما هنا العدول عن إطناب وتطويل إلى إيجاز إذ ليس هنا إلا جملة واحدة يستفاد منها بدون كل ما يستفاد منها معه فإذا أتى بها مع كل كانت تطويلا، أو بدونها كانت إيجازا، والمعنى واحد، وليس هنا لفظان يؤكد أحدهما الآخر لا إفرادا ولا تركيبا ولو تصور فى مثل هذا تأكيد كان كل تطويل تأكيدا، ولا يقول به أحد فليس هنا إسناد قبل كل زال بها، ولا كان لغيرها معها فجاءت مؤكدة، وهذا يتأيد به الرد الأول؛ بل يغنى عنه نعم عند المنطقيين أن المسند إليه هو ما أضيفت إليه كل، وعلى كل حال فليس هنا إسنادان، وعليه تكون كل إما تأكيدا أو تأسيسا؛ لأن الإسناد واحد، فليتأمل.

  ثم أشار إلى بحث آخر وهو ضعيف فى توجيه هذا القائل، فقال (ولأن النكرة المنفية إذا عمت) بسبب، ورودها فى سياق النفى، فلا مانع من التعميم مع قرينة إرادته (كان قولنا لم يقم إنسان) الذى سماه ذلك القائل سالبة مهملة (سالبة كلية) لعموم