إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر
  الحديد (مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب) هذا قول القبعثرى كما أن ما قبله قول الحجاج فالقبعثرى أبرز وعيد الحجاج بالحمل على الأدهم الذى هو القيد فى معرض الوعد بالحمل على الأدهم الذى هو الفرس، وتلقاه فى ذلك بغير ما يرتقب بسبب حمل الأدهم فى كلامه على الفرس الأدهم، وهو الذى غلب سواده حتى ذهب بياضه، وأكد ذلك الحمل بما يناسبه من ذكر الأشهب، وهو الفرس الذى غلب بياضه حتى ذهب سواده، وترك مراد الحجاج بالأدهم، وهو القيد تنبيها على أن الحمل على الفرس الأدهم هو الأولى أن يقصده مثل الحجاج (أى من كان مثل الأمير فى السلطان) أى: القوة والغلبة (وبسطة اليد) أى: وسعة النعمة، والكرم، والمال (فجدير) أى: فحقيق (بأن يصفد) أى: يعطى مأخوذ من أصفده بقطع الهمزة أعطاه (لا أن يصفد) من صفده ثلاثيا أى: قيده (أو) تلقى (السائل بغير ما يتطلب) فالسائل معطوف على المخاطب، وإنما يتلقى السائل بغير ما يتطلب (بتنزيل سؤاله منزلة غيره) أى: منزلة غير سؤاله، وذلك بأن يجاب بغير سؤاله (تنبيها) من المجيب للسائل (على أنه) أى: على أن ذلك الغير المجاب به هو (الأولى بحاله) أى: هو الأنسب أن يكون عنده لا المسؤول عنه (أو) تنبيها على أنه (المهم له) فهو أولى بالسؤال عنه، وكونه هو المهم يستلزم كونه أولى بحاله دون العكس؛ لأن الشيء قد يكون أولى بالحال على تقدير التوجه لطلبه، أو غيره، ولا يكون فى نفسه من جملة المهمات التى يتأكد طلبها، ثم مثل للأول بقوله (كقوله تعالى {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ})(١) سألوا عن سبب اختلاف القمر فى زيادة النور، ونقصانه، فقد روى أن معاذ بن جبل، وربيعة بن غانم الأنصارى قالا: «يا رسول الله ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يمتلئ ويستوى ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا» وهذا بظاهره سؤال عن السبب، وقد أجيبوا ببيان الغرض أى: الفائدة المآلية فى ذلك فى قوله {قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ} وهو أن ذلك الاختلاف يتحقق به نهاية كل شهر فيتميز كل شهر عما سواه ويجتمع من ذلك اثنا عشر شهرا هى مجموع العام، ويتميز كل عن الآخر باسمه،
(١) البقرة: ١٨٩.