حذف المسند وأغراض الحذف:
  تملكون فحذف الفعل الأول؛ لوجود مفسره احترازا عن العبث، بناء على الظاهر وارتكب هذا التركيب المؤدى إلى حذف لما فيه من التأكيد مع الإيجاز، فالفعل المذكور فى أصله تأكيد، وبعد الحذف تفسير لكنه متضمن للتأكيد من جهة المعنى؛ لأن لو تقتضى المحذوف، ولما حذف الفعل انفصل الضمير، لعدم وجدان ما يتصل به، ولا يصح جعل أنتم مبتدأ وجعله تملكون بعده خبره؛ لأن لو لا تدخل إلا على الفعل، ولم يجعل - أيضا - تأكيدا لضمير يقدر حذفه مع الفعل؛ لأنه يلزم عليه حذف الجملة جميعا، وحذف بعضها أيسر مع ما فيه من حذف المؤكد وعامله، وبقاء التأكيد وذلك غير معهود، فهذا المثال المسند المحذوف فيه فعل جزما، وفى قوله إن محلا وإن مرتحلا، يحتمل أن يكون مقدرا بالفعل، فيكون جملة، أو اسم الفاعل فيكون مفردا غير فعل، ولهذا زاد هذا المثال، وتقديمه على ما بعده من تقديم المفصل على المجمل، وهو المشار إليه بقوله: (وقوله تعالى) {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}(١) يحتمل الأمرين) أى: هذا القول يحتمل أن يكون من باب حذف المسند، أو من باب حذف المسند إليه، وأشار إلى تفسير المحذوف على التقدير الأول بقوله (أى) فصبر جميل (أجمل) لى من الصبر غير الجميل، وهو الذى تكون معه الشكاية إلى الخلق، فأحرى كونه أجمل من الجزع، وتفضيل الشيء على ما لا يشاركه فى أصل الفعل واقع فى الكلام؛ لغرض من الأغراض الموجبة لإخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، كدفع ما يتوهم على الغرض، والتقدير، وأشار إلى المحذوف على التقدير الثانى بقوله: (أو فأمرى) أى: فشأنى الذى ينبغى لى أن أتصف به (صبر جميل)، ويحتمل أن يكون من حذفهما معا أى: فلى صبر وهو جميل، ولما كان فى الحذف احتمالات كل منها يناسب المقام، والقرينة يتجه معها كل منها، كان الحذف أوسع؛ إذ فيه تكثير للفائدة الحاصلة بكل من المحتملين، بخلاف الذكر فإنه معين لأحدها لنصوصيته، فيكون أضيق، فلا يرد أن يقال المقدر واحد فى نفس الأمر فلا كثرة؛ لأنا نقول الاحتمال يكفى فى التوسعة والكثرة هنا، ولا أن يقال القرينة متى لم تعين فليست دليلا، فلا حذف؛ لأنا نقول
(١) يوسف: ١٨.