مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

حذف المسند وأغراض الحذف:

صفحة 308 - الجزء 1

  يكفى فى دلالتها صلاحية مقامها لأحدها لا بعينه، ورجح كونه من حذف المسند إليه بكونه أكثر وقوعا، وبغير ذلك مما يذكر فى المطولات، ومما يحتمل الأمرين قوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ}⁣(⁣١) لاحتمال أن يكون التقدير، ولا تقولوا لنا آلهة ثلاثة، أو يكون ولا تقولوا الله وعيسى ومريم آلهة ثلاثة، ففى الحذف تكثير فائدة التوسعة بالاحتمال.

  (ولا بد له) أى: للحذف (من قرينة) دالة عليه، وإلا لم يفهم المعنى أصلا، وهذا ولو كان لا يختص بالمسند للزوم مثله فى باب المسند إليه، لكن ذكره ليفصل القرينة السؤالية إلى المحققة والمقدرة ولهذا قال (كوقوع الكلام) أى: الذى حذف فيه المسند (جوابا لسؤال محقق) بأن يذكر السؤال، ولو على وجه الفرض (نحو) قوله تعالى ({وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ})⁣(⁣٢) فقوله: الله جواب لسؤال محقق الذكر أى: مقدر الصورة، فعلى تقدير وقوع هذا السؤال بأن يقال من خلق السموات والأرض يكون قوله: الله جوابا عنه، وقد حذف فيه المسند والأصل خلقهن الله. وبهذا يعلم أن حمل التحقق - على معنى تحقق ما فرض من السؤال الذى هو صدور قوله من خلق السموات والأرض والجواب الذى هو أن يقولوا الله - يكون هذا الكلام جوابا لسؤال محقق تغميض بلا طائل، مع أن مثله يلزم فى المقدر، فيقال فيه عند تحقق ما قدر من السؤال يكون هذا الكلام جوابا عنه، فإذا كان يسمى محققا لكون ما ذكر يكون جوابا عنه عند تحقق وقوعه، لم يظهر فرق بين المقدر والمحقق بذلك - فتأمل.

  وقدرنا اسم الجلالة فاعلا لا مبتدأ؛ ليطابق ما صرح به فى مثل هذا السؤال، كقوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}⁣(⁣٣) وكذا قوله تعالى: {قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ٨٧ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي


(١) النساء: ١٧١.

(٢) لقمان: ٢٥.

(٣) الزخرف: ٩.