مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

ترك تقييد المسند وأغراض ذلك

صفحة 319 - الجزء 1

  المفعول فيدخل فيما ذكر، ويكون الإتيان به لتربية الفائدة، وليس كذلك، فإنه لا فائدة بدونه، ولما استشعر السؤال الناشئ عن ذلك التوهم أشار إلى الجواب فقال (والمقيد نحو) قولك (كان زيد منطلقا هو) الخبر الذى هو (منطلقا لا كان) إذ ليست كان مسندا من جهة المعنى، بل المسند هو منطلقا، فيقيد بمفاد كان، وهو الزمان الماضى، فأفاد الكلام أن الإنطلاق كان فيما مضى، حتى كأنك قلت زيد منطلق فى الزمان الماضى، وهذا بناء على أن كان انسلبت عن معنى الحدث، ولم يبق فيها إلا الزمان، وأما إن قلنا إنها تدل على الحدث - أيضا - ويدل على ذلك وجود المصدر منها كقوله:

  ببذل وحلم ساد فى قومه الفتى ... وكونك إياه عليك يسير⁣(⁣١)

  فالتقييد إنما هو بالاتصاف بمضمونها، فكأنك قلت: زيد موصوف بالانطلاق الموصوف بأنه كان فى الزمان الماضى، ولهذا قيل إذا قلت: كان زيد، أفاد أن زيدا كان له شيء ما، وإذا قلت: منطلقا، فقد عينت ذلك الكائن، فأول الكلام إجمال، وآخره تفصيل، فيستفاد منه أن ذلك الانطلاق كان لزيد فى الزمان الماضى، والتحقيق أن معنى التركيب أن زيدا كان موصوفا بالانطلاق فى الزمان الماضى، لا أن الانطلاق كان وصفا لزيد فى الزمان الماضى، ولو كان هذا لازما للأول وإيراد التقييد هنا بالمفعول وشبهه، ولو كان من باب متعلقات الفعل مناسب لرجوع ذلك لأحوال المسند المنظور فيه هنا، ولم يتعرض المصنف هنا لتقييد المسند بنحو الإضافة والنعت حيث لا يكون فعلا، والسر فيه نحو ما ذكر من تربية الفائدة، ويمكن أخذه بعطف قوله: ونحوه، على تقييده، وهو ظاهر.

ترك تقييد المسند وأغراض ذلك

  (وأما تركه) أى: ترك تقييد المسند إن كان فعلا أو ما يشبهه (ف) يكون (لمانع منها) أى: تربية الفائدة؛ كخوف فوات الفرصة، مثل أن يقول الصياد: الصيد محبوس لصيد محبوس، من غير أن يقول: محبوس فى شرك، أو للجوارح مثلا؛ لينتهز


(١) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٢٣٩، وتلخيص الشواهد ص ٢٣٣؛ والدرر ١/ ٥٦، وهمع الهوامع ١/ ١٦٤.