مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تقييد الفعل بالشرط إن وإذا ولو:

صفحة 323 - الجزء 1

  الوقوع، وتوهمه، وظنه، والجزم بعدمه، أما ظن الوقوع والجزم بعدمه فليسا موقعا لها فى الأصل، ولو شملتهما عبارة المصنف، وأما الشك والتوهم فقيل هما معا موقع لها، وقيل الشك فقط، والشك متضمن لعدم الجزم بأن لا وقوع، وكذا التوهم على القول به، وإذا كان أصل إن الشك أو التوهم، فلا تقع إن فى كلام الله تعالى إلا بتأويل، أو حكاية، ولا تقع على الأصالة بالنسبة إليه تعالى. (وأصل إذا) أى: ما تستعمل له بالحقيقة اللغوية الجزم، أى: جزم المتكلم (بوقوعه) أى: الشرط فى المستقبل، قيل: المراد بالجزم ظاهره، وقيل: المراد به الرجحان، فتستعمل فى الاعتقاد والظن، فتقرر بما ذكر أن إن وإذا تشتركان فى الاستقبال، وتفترقان فى الجزم بالوقوع الذى هو موقع إذا وعدمه، الذى هو موقع إن، ومعلوم أن الجزم بالوقوع يتضمن عدم الجزم بلا وقوع ولا يجامعه الجزم بلا وقوع، والأصل التناقض، وقد تقدم أن عدم الجزم بالوقوع حيث فسر بالشك أو الوهم يتضمن - أيضا - عدم الجزم بلا وقوع، ومعلوم أنه لا يجامع حيث فسر بما ذكر الجزم بلا وقوع، فيشتركان - أيضا - فى عدم مجامعة الجزم بلا وقوع، فلا يستعملان معا فى المحال؛ لأنه مجزوم بعدمه إلا بتأويل، وفى عدم الجزم بلا وقوع لكن مصدوقه فى إذا نفى عدم الوقوع جزما، وفى إن احتمال النفى فلم يشتركان فى مصدوق ما ذكر - فليفهم.

  وإنما لم يتعرض لاشتراكهما فيما ذكر؛ لأن قصده هنا بيان ما وقع به الافتراق، لا ما وقع به الاشتراك. (ولذلك) أى: ولكون الأصل فى إن عدم الجزم بالوقوع، والأصل فى إذا الجزم (كان) الحكم (النادر موقعا لأن) لأن النادر مقطوع به فى الغالب، إذ لا يفارقه احتمال الإنتفاء على التساوى، بل يقال لا يفارقه على وجه الراجحية، وإنما قلنا فى الغالب؛ لأن النادر وهو ما وقوعه قليل قد يجزم بوقوعه كما جزم بوقوع يوم القيامة مع ندور وقوعه، إذ لا يحصل إلا مرة واحدة، ومعلوم أن كون النادر موقعا لأن إذا بنينا على القول بأن أصلها الشك، وهو المرجوح لا يتم؛ لأن النادر فى الغالب مظنون الانتفاء، والشك فيه نادر - كما أشرنا إليه - اللهم إلا أن يكون كون النادر موقعا لها أنه أقرب إليها منه إلى إذا؛ لأن المتوهم أقرب إلى المشكوك