استطراد إلى التغليب
  التسميتين - وهى المقدرة بعد التغليب - مجازية، وإنما قلنا بذلك التأويل على هذا البناء؛ لأن التسمية المجازية لا توجب اتحاد المعنى - كما قيل - لا سيما والتجوز ههنا ليس من طريق المبالغة فى التشبيه بل من طريق التجوز الإرسالى بعلاقة الصحبة أو المشاكلة، ثم لفظ التغليب مطلقا مجاز مرسل - كما أشرنا إليه، أما كون ما استعمل فيه لفظ المغلب فى الآخر فقط - كما تقدم فى القانتين من المجاز لتلك الصحبة - فواضح، ولكن يكون معنى التغليب فيه مراعاة المجاز، والأشرف هو الذكورية، حتى استعملت صيغته فى المجاز الذى هو دونه، ولم يجعل من المجاز المحض الذى لا تغليب فيه؛ لوجود الاشتراك فى أصل الصيغة، هذا إذا قلنا: إن الصيغة استعملت فى الإناث فقط - كما تقدم، وأما إن قلنا: إنها استعملت فى الذكور والإناث معا، فهو كالأبوين وسيأتى الآن وأما كون ما استعمل فيه لفظ المغلب فى معنى الآخر مع ضميمة دخول معناه فيه بدون تثنية كقوله تعالى {وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها}(١) فإن الإعادة فى الملة لا تصدق فى الرسول الذى لم يكن فيها فقط، وإنما تصدق فى الأتباع، وقد استعملت فيها وفى غيرها مجازا، فكذلك أيضا، وأقرب أنواع المجاز إليه شبها لفظ الجزء المستعمل فى الكل، وأما مع ضميمته وتثنية اللفظ كالأبوين ففيه الجمع بين الحقيقة والمجاز فتأمل فى هذا المقام، وقد تحقق كما قدمنا أن التغليب فى الأبوين وشبهه أوجب استعمال اسم المغلب فيه مع الآخر من غير أن يشتركا فى مادة اللفظ وأصل المعنى، فهذا، التغليب خلافه فى نحو القانتين؛ لأن الاختلاف فى ذلك فى الصيغة فقط دون المادة، وأصل المعنى فالتسوية بينهما - كما قيل - غلط لا يخفى (ولكونهما) أى: ولكون إن وإذا فى الأصل موضوعين (ل) إفادة (تعليق أمر) هو حصول مضمون الجزاء (بغيره) أى: بحصول مضمون الشرط، فغير مضمون الجزاء هو حصول مضمون الشرط، ولما كان لفظ الغير صادقا على الحصول الذى هو مصدر يصح عمله تعلق به قوله (فى الاستقبال) لأنه إذا صح عمل الضمير العائد على المصدر فأحرى الاسم الظاهر الصادق على المصدر، فمعنى الكلام أن إذا وإن تفيدان أن المتكلم علق فى حال التكلم حصول الجزاء فى الاستقبال
(١) الأعراف: ٨٩.