استطراد إلى التغليب
  الشرط إنما يعتبر إن لم يكن لذكر الشرط فائدة سوى إخراج ما لم يكن فيه الشرط عن الحكم، وههنا فائدة ظاهرة يجوز أن يقال يسقط من اعتبارها مفهوم الشرط، وهى المبالغة فى تأكيد نهى الموالى عن الإكراه وفى تقبيح صنيع المكره منهم، حيث تكون الأمة مريدة للتحصن، وهو يكرهها وقد كان الأحق أن يكون أولى بإرادة التحصن لا يقال، فيكون التأكيد فى هذه الحالة فقط، والمقصود تأكيد النهى مطلقا لأنا نقول لما كان الإكراه لا يتحقق إلا فى هذه الحالة تعرض لها بالتعبير، والتوبيخ بذكر ما تظهر فيه فضيحة المولى، وأجيب - أيضا - بأن مفهوم الشرط إنما يراعى إن لم يعارضه الإجماع، فإن عارضه كما هنا سقط؛ لأنه ظاهر، والإجماع قاطع، والظاهر يدفع بقاطع، وأجيب - أيضا - بأن المفهوم انتفاء النهى عند انتفاء الإرادة ولا يستلزم ذلك جواز الإكراه لجواز أن يكون انتفاء النهى لعدم تصور محله الذى هو الإكراه لا لجوازه إذ لا يتصور إلا حال الإرادة، وأما فى حال انتفائها بالغفلة عن التحصن وعدمه أو بإرادة البغاء من الإماء فلا يتحقق الإكراه، أما إذا أردن البغاء فظاهر، وأما إذا غفلن فبنفس التنبيه له تحصل إرادته بمقتضى العادة، حيث لم تكن منهن إرادة التحصن وعند الانبعاث لا يتحقق الإكراه ولو قيل أن الشرط لموافقة الواقع؛ لأن الإكراه إنما هو حال الإرادة ما بعد، لكن يرجع لما ذكر فليفهم.
  (السكاكى) أى: قال السكاكى إبراز غير الحاصل فى معرض الحاصل يكون لما ذكر (أو) يكون (للتعريض) وهو أن ينسب الفعل إلى أحد حقيقة أو مجازا، والمراد منه فهم الغير بالقرائن وذلك (نحو) قوله تعالى {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}(١) فقد أبرز الإشراك المقطوع بعدم حصوله فى معرض الحاصل تعريضا بمن حصل منه أنه حبط عمله وإنما قلنا المقطوع بعدم حصوله؛ لأن المخاطب هو النبى ﷺ ومعلوم أنه منتف عنه حالا ومآلا والفعل إذا رتب عليه وعيد فى حال نسبته فرضا وتقديرا لذى شرف يستحق به توقيرا، وهو لم يحصل منه فهم منه المخاطبون أن الوعيد واقع بهم من باب أحرى إن صدر
(١) الزمر: ٦٥.