مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

استطراد إلى التغليب

صفحة 340 - الجزء 1

  منهم ذلك الفعل، كما إذا شتمك إنسان فتقول (والله إن شتمنى الأمير لأضربنه) ولا يضر فى دخول إن كون الفعل معلوم الانتفاء؛ لأن إن تدخل على معلوم الانتفاء كما تقدم أنه قد يفرض المحال لغرض من الأغراض وإنما اختص التعريض بمن حصل منهم الإشراك وبالتعبير بالماضى؛ لأن من لم يصدر منه إشراك، ولا ظهر منه اهتمام به لا يناسب تهديده وتوعده بطريق التعريض إذ ليس أهلا لذلك، والتعبير بالمستقبل جار على أصله مع إن، فلا يطلب وجه فى دخول إن عليه حتى يكون تعريضا، أو غيره بخلاف الماضى معها، فلعدم كونه هو الأصل معها يطلب له وجه فيوجد التعريض مناسبا فيقدر فيه، ويكون مفيدا له معها، وفى هذا الكلام بحث من أوجه أحدها: أن كون المضارع على أصله ينتفى عنه التعريض إنما ذلك إن نسب لمن يصح صدوره منه ويشك فيه، وأما إن نسب لمن علم انتفاؤه عنه - قطعا - طلب له وجه، فيصح كونه للتعريض بمن صدر منه كالماضى، بل نقول وبمن لم يصدر منه إن صح الصدور منه ليتحقق تهديده على ما يتوقع من جانبه وثانيها: أن التعريض إن كان مستفادا من عدم الوقوع ممن نسب له الفعل، فلا فرق عند تحقق عدم الوقوع بين الماضى والمضارع، وإن كان مستفادا من نسبته لرفيع يستحق التوقير كما أشعر به المثال، فكذلك - أيضا - وإن ادعى استفادته من غير الوجهين منع، وثالثها: أن التعريض إن كان بالمؤمنين، وهم لم يصدر منهم إشراك ناقض قولهم لا معنى للتعريض بمن لم يصدر منه إشراك لأن المؤمن فى حال الخطاب لم يصدر منه إشراك ومعلوم أن ما سبق جبه الإسلام فلا معنى للتعريض بأنه محبط العمل وإن كان بالكافرين فلا يسلمون النبوة ولا أن الخطاب منه تعالى، ولا امتناع الإشراك فى المستقبل، ولا المضى، ولا تعظيم صاحبها عند الله تعالى حتى يكون خطابه تعريضا عندهم فلا يفهمون التعريض بهم أصلا، فتنتفى فائدة الخطاب ويمكن الجواب عن هذا الأخير بأن الغرض إفهام الكافرين أن أعمالهم حبطت بإشراكهم بواسطة دعوى الرسول عصمته، ورفعته عند الله تعالى تفريعا لهم وتوبيخا، ولو كانوا لا يسلمون ولا يخافون، وكأنه يقول ربى يخاطبنى بهذا فكيف ترون حالكم