استطراد إلى التغليب
  فى هذا الخطاب، أو يخاطبنى مع أنه لم يصدر ولا يصدر منى الإشراك، فالمراد أنتم، فتأمله.
  ولعله نسب القول بالتعريض إلى السكاكى، لضعفه بما ذكر، وخفائه وإلا فقد ذكر جميع ما تقدم، ثم قال السكاكى (ونظيره) أى: نظير جملة الشرط المستعمل فيها الماضى كان أشركت (فى) مجرد (التعريض) لا فى استعمال الماضى فى الشرط موضع المضارع للتعريض قوله تعالى {وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي}(١) أى: وما لكم لا تعبدون الذى فطركم فالمراد الإنكار على المخاطبين بطريق التعريض لا إنكار المتكلم على نفسه، وإنما قلنا إن المراد الدلالة على الإنكار على المخاطبين عدم العبادة لا إنكار المتكلم على نفسه (بدليل) قوله بعد {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(٢) إذ لو لا الإشارة إلى المخاطبين بهذا الإنكار على وجه التعريض لكان المناسب، وإليه أرجع؛ لأنه الموافق للسياق، وقد تقدم التمثيل بهذه الآية للالتفات على مذهب السكاكى، ومقتضى ظاهر ما يذكر فى الالتفات أن المعبر عنه بالتكلم فى قوله ما لى هم المخاطبون؛ لأن الالتفات على مذهبه هو التعبير عن معنى اقتضاه المقام بطريق آخر غير ما هو الأصل فيه وإذا كان التعريض هو أن يعبر عن معنى بعبارة هى فيه مجاز، أو حقيقة ليفهم غير ذلك المعنى بالقرائن تحقق التنافى بينهما لاقتضاء الأول، وهو كونه للالتفات أن المراد نفس المخاطبين واقتضاء الثانى، وهو كونه للتعريض أن المراد المتكلم، ولكن لينتقل منه إلى المخاطبين بالقرينة، وقد يجاب بأن المراد فى الالتفات بكون التعبير عن معنى بطريق غير طريقه كون التعبير؛ لإفادة ذلك المعنى، ولو بالانتقال إليه بالقرائن ولو لزم التسامح فى إطلاق التعبير على نحو هذا القصد، وعلى هذا فكونه للالتفات لا ينافى كونه للتعريض؛ بل يصح كونه التفاتا من حيث إن المعنى المنتقل إليه عدل عن طريقه مع اقتضاء المقام إياه وكونه تعريضا من حيث مجرد التلويح إليه بالقرائن، وقد تقدم ما يؤخذ منه فليفهم. فإن فيه دقة ما (ووجه حسنه) أى: حسن هذا التعريض الذى هو أن ينسب المتكلم إلى نفسه
(١) يس: ٢٢.
(٢) يس: ٢٢.