مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف المسند

صفحة 355 - الجزء 1

  وقولهم: مررت برجل أفضل منه أبوه، فلا يدل - كما قيل - على جواز الحكم بمعرف على منكر؛ لأن الأول وما أشبهه من باب القلب، والثانى الخبر فيه هو اسم التفضيل المقدم، وأشعر قوله - أيضا -: بآخر، أن المسند والمسند إليه لا بد فى الإفادة من أن يختلفا فى المفهوم، ولو اتحدا فى المصدوق الخارجى، وأما نحو قوله

  أنا أبو النجم وشعرى شعرى⁣(⁣١)

  فعلى تقدير شعرى الآن مثل شعرى القديم، أى: لم يتبدل عن الصفة التى اشتهر بها من الفصاحة والبلاغة، فإن قيل غاية ما أفاد هذا الكلام أنا إذا عرفنا المسند - ومعلوم فى النحو أنه لا بد حينئذ من تعريف المسند إليه - أفاد الكلام حكما على معرف بمعرف، وهو إخبار بمعلوم، فأى نكتة أفادها هذا الكلام تحصل بها عند تعريف المسند مطابقة لمقتضى الحال، بل نقول الإخبار بالمعلوم عن المعلوم لا يفيد أصلا، قلنا: العلم بالمسندين، - بمعنى تحقق حصول مدلولهما فى الخارج الذى هو المراد هنا - لا يستلزم العلم أحدهما إلى الآخر، فإنك تعلم أن الشخص الفلانى يسمى زيدا، وأن ثم رجلا موصوفا بالإنطلاق، ولا تعلم أن الموصوف بذلك الإنطلاق هو ذلك الشخص المسمى بزيد، فالكلام المعرف الجزأين مفيد أى فائدة، وهذه الفائدة المحصلة عند تعريف الجزأين إذا اقتضاها المقام لكونها هى التى يرتقبها السامع، أو كالمرتقب لها، صارت نكتة يطابق بها مقتضى الحال، فالمراد أن مدلول هذا التركيب يؤتى به عند مناسبة المقام، ولا يعدل عنه إلى غيره، والحاصل أن هذا الكلام من حيث كونه يؤتى به لمناسبة مدلوله للحال، يكون من علم المعانى، ومن حيث كون الجزأين فيه عرفا - وأخبر جوازا بأحدهما عن الآخر - يكون من علم النحو، وقد تقدم مثل هذا - فليفهم.

  ثم مثل لتعريف الجزأين فقال (نحو) قولك: (زيد أخوك) لمن يعرف أن الشخص الفلانى يسمى بزيد، ويعلم أن له أخا، ولا يعلم ثبوت تلك الأخوة لذلك الشخص بعينه. (و) قولك (عمرو المنطلق) لمن يعلم عمرا بإسمه وشخصه ويعلم أن ثم


(١) الرجز لأبى النجم في أمالى المرتضى ١/ ٣٥٠، وخزانة الأدب ١/ ٤٣٩، والدرر ١/ ١٨٥ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٨/ ٣٠٧، ٩/ ٤١٢.