مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

ترك تخصيص المسند

صفحة 358 - الجزء 1

  القصر قد يكون على المسند المنكر إن كان المعرف مبتدأ - على ما يأتى تمثيله - وبهذا يعلم أن الكلام أعم مما قبله (تحقيقا) أى: يفيد التعريف المذكور قصر الجنس حقيقة، لعدم وجود معنى الجنس فى غير ذلك المقصور عليه (نحو) قولك (زيد) هو (الأمير) إذا لم يكن أمير سواه (أو) يفيد قصره عليه (مبالغة) لا حقيقة؛ لوجود المعنى فى غير المقصور عليه - أيضا -، ولكن (لكماله فيه) أى: لكمال ذلك الجنس فى المقصور عليه، أو لكمال المقصور عليه فى الجنس، والمعنى واحد يعد وجوده فى غيره كالعدم، لقصور الجنس فى ذلك الغير عن رتبة الكمال، وذلك (نحو) قولك: (عمرو الشجاع) أى: عمرو الكامل فى الشجاعة، حتى إن شجاعة غيره كالعدم، لقصورها فيه عن رتبة الكمال، فتكون الشجاعة مقصورة على عمرو، ثم إن المصنف مثل بالمعرف تعريف الجنس مسندا، وقد تقدم حمل كلامه على ما هو أعم من ذلك؛ لأن المعرف تعريف الجنس يفيد القصر إذا كان مسندا - كما مثل - وكذا يفيده إذا كان مسندا إليه، كقولك: الأمير زيد، والشجاع عمرو، ولا فرق بين تقديم المعرف بأل على أنه مبتدأ، وتأخيره على أنه خبر فى إفادة التركيب قصر الجنس المذكور له على مسمى الاسم الآخر، فمفاد التركيبين الأخيرين قصر الإمارة على زيد، والشجاعة على عمرو، ثم ما ذكر إنما هو حيث تعرف أحدهما فقط باللام، فإن كانا معا معرفين باللام كقولك: القائم هو المتكلم، فهل يدل على حصر الثانى فى الأول أو بالعكس، قيل: إن الأقرب حصر الأول فى الثانى؛ لدلالته على متعدد فى الأصل؛ لكونه محكوما عليه، فهو يحصر فى المحمول الذى الأصل فيه الاتحاد، والحاصل - مما تقرر - أن المحلى بأل الجنسية إن حكم به فإنه يفيد الحصر، ويلزم حينئذ تعريف المحكوم عليه - كما تقدم - وإن حكم عليه أفاد الحصر، ولو كان ما حكم به عليه نكرة - كما أشار إليه بقوله: يفيد قصر الجنس على شيء لما تقدم أنه عبر به ليعم النكرة والمعرفة، ومثال المعرفين تقدم، ومثال ما إذا كان الخبر نكرة قولنا: التوكل على الله، أى لا على غيره، والكرم فى العرب أى: لا فى غيرهم، ثم إفادة الحصر بما دل على الجنس إذا أريد به جميع أفراد الجنس ظاهر؛ لأن المعنى حينئذ أن جميع الأفراد محصورة فى ذلك الفرد، فلا يوجد شيء منها فى غيره، فإذا