تقديم المسند وأغراض ذلك
تقديم المسند وأغراض ذلك
  (وأما تقديمه) أى: وأما الإتيان بالمسند مقدما؛ (ف) لكونه أهم وهم بتقديم الأهم أعنى، وعلى بيانه أولا أحرص، ثم أشار إلى أوجه مما يقتضى الأهمية فقال: إما (ل) قصد (تخصيصه) أى: المسند (بالمسند إليه) أى جعله مختصا بالمسند إليه دون سائر المسندات، فالمسند إليه عند تقديم المسند هو المقصور، والمسند هو المقصور عليه، لأنك إذا قلت: تميمى هو، كان معناه قصر المسند إليه وهو مدلول الضمير على التميمية، وأنه لا يتجاوزها إلى القيسية - مثلا - وإفادة العبارة هذا المعنى تقدم تحقيقه فى باب ضمير الفصل، وأنك تقول: خصصت زيدا بالذكر، إذا جعلته مختصا بذكرك دون سائر الرجال، فتدخل الباء المتعلقة بالتخصيص على المقصور كما فى هذا المثال، وهو كثير، ولو كان الأصل دخولها على المقصور عليه كما فى قولك: خصصت محبتى وإحسانى بزيد، بمعنى أنى جعلت محبتى وإحسانى مقصورين على زيد، فقد أدخلتها على المقصور عليه، وعبارة المصنف هنا واردة على الأول - كما تقدم - فإن قلت: أهمية الذكر التى جعلوها سببا للتقديم هنا وهنالك، وجعلوا الأوجه المذكورة للتقديم تفصيلا لها، إما أن يراد بها كون ذكر الشيء سابقا أهم وأولى عند المتكلم، أو يراد بها كون الشيء مطلقا أهم وأولى من غير تقييد بالأسبقية، فإن أريد الأول كان المعنى أن كون الشيء أولى بالتقديم من أسباب تقديمه، وهذا أمر جملى معلوم؛ إذ كل أحد يعلم أن سبب التقديم كون الشيء أحق بالتقديم، وإنما المفيد ذكر السبب الخاص، وعلى هذا يكون ذكر الأهمية من التطويل بلا طائل، وأكثر عباراتهم على ذكرها، وإن أريد الثانى كان المعنى أن كون الشيء أهم فى التركيب من أسباب تقديمه، ويرد عليه أن جزأى الإفادة لا يتحقق أهمية أحدهما على الآخر فى الإفادة والتركيب - وأيضا - معنى كون تلك الأسباب تفصيلا للأهمية كونها أسبابا لها على ما يفيده كلام عبد القاهر بقوله: لا بد أن يبين، لكون الشيء أهم سببا به كان أهم، وهم به أعنى، ولا معنى لكون الأسباب المذكورة أسبابا للأهمية الذكرية جميعا، فإن التخصيص - مثلا - سبب للتقديم لا للأهمية، قلت: يصح أن يراد المعنى الأول، ويكون ذكر الأهمية كذكر القانون الجامع