الإنشاء
الإنشاء
  أي: مبحثه، ثم لفظ الإنشاء في الجملة يطلق على الكلام الذي لا تحتمل نسبته الصدق، والكذب لعدم قصد حكاية تحققها فى الخارج كما فى الخبر، ويطلق على إلقاء هذا الكلام وإيجاده وهو فعل المتكلم فإذا تحقق هذا فالضمير فى قوله (إن كان طلبا) يعود إلى الإنشاء لا بمعنى العنوان على هذا المبحث ضرورة لأن المراد منه الجمل المتضمنة لهذا الفصل، وليس طلبا بل بمعنى مطلق الطلب أو غيره، ثم الأظهر أن المراد به حينئذ فعل المتكلم لا الكلام نفسه ويظهر ذلك بتقسيمه إلى الطلب وغيره ثم تقسيم الطلب إلى التمنى وغيره، ثم ذكر أن اللفظ الموضوع للتمنى الذى هو من أقسام ذلك الإنشاء لفظ ليت، ومعلوم أن ليت لم توضع لنفس الكلام الذى هو قولنا مثلا: ليت الشباب يعود بل لفعل المتكلم، ولكن يرد على هذا أن ليت لم توضع أيضا لفعل المتكلم الذى هو إلقاء هذا الكلام، وإنما وضعت لنفس التمنى الذى هو الحالة القلبية، ولذلك يقال: إن ليت تتضمن معنى أتمنى فإن تؤول على معنى أن لفظ ليت موضوع؛ لأجل أن يوجد أى يلقى له الكلام الإنشائى فتكون للعلة الغائية صح ذلك فى إرادة نفس الكلام الملقى، فيكون التقدير: إن اللفظ الموضوع للكلام الإنشائى على وجه التمنى بمعنى: أنه وضع لأجل تحقيقه وتثبيته هو لفظ ليت، فالأولى أن يراد به المعنى القلبى المتعلق بالنسبة التى إذا ذكر معهما اللفظ المشعر بذلك المعنى صارت النسبة إنشاء فقوله: إن كان طلبا احترز به مما إذا لم يكن طلبا، فلم يتعرض له لقلة المباحث البيانية المتعلقة به لقلة دورها على ألسنة البلغاء، وذلك كبعض أفعال المقاربة كعسى واخلولق وحرى، وكأفعال المدح والذم كنعم وبئس، وكصيغ العقود كبعت لإنشاء البيع، ونكحت لإنشاء التزوج، وكجملة القسم كأقسم بالله لإنشاء القسم، وكرب بناء على أنها للإنشاء باعتبار أنك إذا قلت: مثلا: رب جاهل فى الدنيا والمراد أنك تستكثر الجاهلين، ولا يعترضك تكذيب، ولا تصديق فى ذلك الاستكثار، ولو كان يعترض باعتبار وجودهم فى الدنيا نظر المدلول قولك فى الدنيا لكن المتبادر أنها للإخبار، وأن الغرض الإخبار بالكثرة لا مجرد إظهار الاستكثار فيعترضه التصديق والتكذيب