التمني
  انتقال المجموع لمعنى آخر فجعل أخذها مفردة مقيدا بحال تركيبها الصادق بالإفراد وغيره، ولا يخلو من التكلف لكل ما أجيب به عن هذه المناسبة (لتضمينهما معنى التمنى) متعلق بقوله مركبتين يعنى: أن تركيب هل ولو مع ما ذكر إنما هو لأجل تضمينهما أى جعلهما متضمنتين أى دالتين على معنى التمنى فالمراد بالتضمين هنا جعل الشيء مدلولا للفظ لأجله جزاء من المدلول الذى هو التضمين اصطلاحا، ونظيره قولك: ضمنت هذا الكتاب كذا وكذا بابا، فليس المراد أنى جعلت الأبواب جزءا من أجزاء الكتاب، بل جعلت الأبواب نفس أجزاء الكتاب لا مع زائد ثم المراد بتضمينهما إلزامهما ذلك لا كونهما متضمنتين له ولقصد هذا المعنى عبر بالمصدر المضاف للمفعول، ولو كان فى إفادته هذا المعنى خفاء ما ولم يعبر بالتضمن، فيكون مصدرا مضافا للفاعل لئلا يوهم أن تضمنهما معنى التمنى بعد التركيب ليس بلازم كما كان فى الأصل؛ لأن نقل هل ولو فى الأصل للتمنى ليس بواجب، فالمعنى على هذا ركبتا لإلزامهما تضمن التمنى الذى كان تضمنه فى الأصل جائزا فلا يرد أن يقال تضمنهما معنى التمنى كان فى الأصل فكيف يكون علة غائية وغرضا من التركيب؛ لأن ذلك يقتضى ترتب التضمن على الترتيب وهو سابق، ولك أن تصحح التعبير بالتضمن الذى هو مصدر مضاف هنا للفاعل، ولو كان مخالفا لعبارة السكاكى المشار إليها بما تقدم بأن تجعل التضمن علة حاملة على التركيب بعد وجودها لا مترتبة فيكون التقدير أن التركيب حمل عليه كون معناهما التمنى، وعلى كل حال فتضمينهما أو تركيبهما لتضمينهما لمعنى التمنى إنما هو (ليتولد) أى ليس الغرض من التركيب نفس التمنى المتضمن فقط بل ليتولد (منه) أى من معنى التمنى الذى تضمنتاه (فى الماضى) أى: يتولد منه حيث استعملنا مع الفعل الماضى معنى (التنديم) أى جعل المخاطب نادما بإظهار أنه كان ينبغى أن يفعل ما فاته لما فيه من الحكمة المقتضية للفعل، فيصير لفواته نادما وذلك (نحو) قولك بعد فوات إكرامه زيدا (هلا أكرمت زيدا) والفعل بعد فوات وقته لا يمكن طلب فعله فى وقته حقيقة بل تمنيه لصيرورته محالا ولما فات إمكانه مع ما فيه من الحكمة المقتضية للفعل المعلومة للمخاطب صار فى الكلام إشارة إلى أنه كان مطلوبا