التمني
  من المخاطب ففوته فيصير المخاطب بسماع هذا الكلام المفيد لهذا المعنى نادما فمعنى كونه مطلوبا، وهو الذى أوجب ندمه أنه كان ينبغى أن يفعل وقت إمكانه فمعنى: هلا أكرمته على هذا: ليتك أكرمته، (و) ليتولد منه (فى المضارع) أى فى الاستقبال لا فى مطلق صيغة المضارع؛ فإنها قد تكون للمعنى المفيد للتنديم (التحضيض) أى الحث على الفعل لإمكان وجوده وقد خرج التمنى المتضمن فى هذا عن مفاده الأصلى بخلاف التنديم السابق، وذلك (نحو) قولك فى الحض على القيام: (هلا تقوم)، وإنما توصل بالمتمنى إلى هذا الحض لأن التمنى هو بداية الرغبة حتى إنه يتعلق بالمحال، فناسب التحضيض فالمعنى فى هلا تقوم: ليتك تقوم، والمعنى فى لوما تقدم، وقد علمت أن ليت المقدرة هنا معناها الطلب المؤكد لا التمنى الحقيقى، ثم السر فى تركيب هل ولو مع لا وما لإفادة ما ذكر دون سائر الحروف أن الطلب مع النفى عهد فيه فى الجملة كونه للتوبيخ والتنديم كقولك: لم لا أو لم لم تكرمه؟ فالأول للتوبيخ على عدم الإكرام والثانى للتنديم، والسكاكى ظاهر عبارته هو ما قال المصنف، وقد أشرنا إلى تحقيقه آنفا، وعبر بكأن المقتضية لعدم الجزم؛ لأن أكثر النحويين على أن الحروف وضعت كذلك فى أصلها، ولا تصرف فيها فيحتمل أن تكون غير مأخوذة مما ذكر ثم إنه لم يجعل تركيبهما لنفس التنديم، والتحضيض من أول وهلة بل بتوسط التمنى؛ لأن التنديم متعلق بالمضى والتحضيض بالمستقبل فكأنهما يختلقان فارتكب معنى التمنى واسطة؛ لأنه طلب فى المعنى ليكون كالجنس لهما فيكون فى الحروف شبه تواطؤ لا شبه اشتراك؛ لأن التواطؤ أقرب من الاشتراك، وإنما قلنا: شبه؛ لأن التواطؤ الحقيقى إنما يتصور فى غير الحروف.
  (وقد يتمنى) أيضا (بلعل) التى هى للترجى، والترجى: هو ارتقاب الشيء وهو يشمل المحبوب والمكروه فليس هذا من أنواع الطلب فى الحقيقة؛ لأن المكروه لا يطلب فلا ينصب الجواب بعد لعل، كما ينصب بعد أنواع الطلب، ولكن إذا استعمل لفظ لعل للتمنى (ف) حينئذ (تعطى حكم ليت) فى نصب الجواب الذى هو المضارع بعد الفاء بتقدير أن، وذلك (نحو) قولك: (لعلى أحج فأزورك بالنصب) أى: بنصب