مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

ألفاظ الاستفهام:

صفحة 485 - الجزء 1

  فى سؤالهم اليهود {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً}⁣(⁣١) فقد اعتقدوا أن المسئول عنهما ثبتت له الخيرية، والفريقية تصدق على كل منهما، ولم يتميز عندهم من ثبتت له الخيرية لعمومها، وذلك ظاهر فسألوا عما يميز الفريق الذى ثبتت له الخيرية، فكأنهم قالوا نحن خير أم أصحاب محمد ؟ ولهذا فسر أى الفريقين بقوله (أى أنحن أم أصحاب محمد ) فيقع بالمميز، ووجود المميز هنا بوجود الكافرين حال كونهم قائلين لهذا السؤال، أو يعنى بالكافرين المصدوق، وذلك بأن يقال أنتم أو بوجود المؤمنين حال كونهم غير قائلين لهذا السؤال، والمراد بالمؤمنين المصدوق - أيضا - بأن يقال فى الجواب أصحاب محمد ومعلوم أن قول المجيبين وهم اليهود أنتم مميز، لتعين الموصوف بالخيرية بالإضمار، وهم - لعنة الله - عليهم مراءون فى هذا الجواب كاذبون، ولو قالوا: أصحاب محمد وقع تمييز الموصوف بالخيرية، لتميزه بالصحبة، فيكون مطابقا للحق، وقولنا حال كونهم قائلين وحال كونهم غير قائلين حالان تقديران باعتبار المعنى بينا بهما من صدر منه هذا السؤال، ولو أسقطناه، وقلنا مثل كون الجواب أنتم أصحاب محمد، كان أخصر، وأوضح، والثانى وهو ما كان الأمر المشترك فيه غير ما أضيفت إليه أى كقوله تعالى حكاية عن سليمان - على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسّلام - {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها}⁣(⁣٢) فإن الأقرب فيه أن الأمر المشترك فيه هو كون كل منهم من جند سليمان ومنقادا لأمره ولو كان يمكن بالتكلف أن يجعل المشترك فيه مضمون المضاف إليه بمعنى كون كل منهما مخاطبا بالإضمار، وقوله يعمهما كالتأكيد فى الاشتراك فى الأمر إذ لا يكون المشترك فيه إلا عاما (و) يسأل (بكم عن العدد) حيث يكون مبهما فيقع الجواب بما يعين قدره، حيث يكون على ظاهره، كما يقال: كم غنما ملكت؟

  فيقال مائة وألفا - مثلا، وقد يكون السؤال بها عن العدد على غير ظاهره (نحو) قوله تعالى {سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ}⁣(⁣٣) فآية تمييز لكم، وكم


(١) مريم: ٧٣.

(٢) النمل: ٣٨.

(٣) البقرة: ٢١١.