ألفاظ الاستفهام:
  مفعول بآتيناهم، والتقديركم آية آتيناهم أعشرين أم ثلاثين أم غير ذلك؟ وجر التمييز بمن هنا للفصل بين كم ومميزها بفعل متعد، فلو لم تدخل من على التمييز لتوهم أنه مفعول للفعل، وقد تقدم هذا فى كم الخبرية هنالك، وإنما قلنا: إن السؤال على غير ظاهره؛ لأنه ليس القصد إلى استعلام مقدار عدد الآيات من جهة بنى إسرائيل؛ لأن الله تعالى علام الغيوب، فلو أريد مجرد علم مقدار الآيات لتولى الله تعالى الإعلام بقدرها لنبيه ﷺ وإنما القصد التقريع، والتوبيخ على عدم اتباع مقتضى الآيات مع كثرتها وبيانها، أى: قل لهم ذلك ووبخهم به، كما يقال لمنكر النعم كم نعمة أتفضل بها عليك ومع ذلك لم تشكر لى شيئا، قيل ويصح أن يكون السؤال على ظاهره، بأن يكون القصد أمر النبى ﷺ أن يسأل بنى إسرائيل حقيقة ليعلم من قبلهم مقدار الآيات؛ لأنه لم يكن يعلمها بلا إعلام وقد تكون الحكمة إنما هى فى علم مقدارها من قبلهم، لكن يدل للتقرير الأول قوله تعالى: {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ}(١) الآية (و) يسأل (بكيف عن الحال) فيقال كيف وجدت زيدا أى: على أى حال وجدته، فيقال فى الجواب: صحيحا، أو سقيما، وليست ظرفا، ولو كان يقال فى تفسيرها فى أى حال وجدته؛ لأنه تفسير معنوى كما يقال فى تفسير الحال فى قولنا: جاء زيد راكبا، أى: جاء فى حال الركوب، وإنما هى بحسب العوامل، ففى المثال السابق تكون حالا، أو مفعولا، وفى قولنا كيف زيد؟ تكون خبرا. (و) يسأل (بأين عن المكان) فيقال أين جلست بالأمس؟ مثلا، والجواب أمام الأمير، وشبهه (و) يسأل (بمتى عن الزمان) ماضيا كان، أو مستقبلا، فيقال فى الماضى - مثلا - متى جئت؟ والجواب سحرا، أو نحوه، وفى المستقبل متى تأتى فيقال؟: بعد شهر - مثلا. (و) يسأل (بأيان عن المستقبل) فيقال: إيان يثمر هذا الغرس؟ فيقال بعد عشر مثلا (قيل وتستعمل فى مواضع التفخيم) أى: عند تعظيم المسئول عنه، وقصد التهويل بشأنه (مثل) قوله تعالى {يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ}(٢) فقد استعملت أيان مع يوم القيامة، للتهويل، والتفخيم لشأن وقته
(١) البقرة: ٢١١.
(٢) القيامة: ٦.