ألفاظ الاستفهام:
  من أجله ولا يضر الإخبار بأيان عن يوم القيامة؛ لأن المراد السؤال عن زمان وقوعه، إذ الكلام على تقدير المضاف أى: أيان وقوع يوم القيامة، فليس فيه إخبار بالزمان عن اليوم الذى هو كالجثة هنا، وكذا الإشكال فى السؤال عن زمان وقوع اليوم الذى هو من أسماء الزمان؛ لأنه يجوز أن يعتبر الوقت بوقوع مخصوص، كما يقال: متى يوم لقائى بفلان؟ لأن المراد ما يقع فيه، وأيضا يجوز أن يعتبر الأخص ظرفا للأعم، والعكس، والتفخيم هنا ولو كان الكلام حكاية عن الكافر الذى لا يعتقد وجود يوم القيامة فضلا عن تفخيمه، إنما تحقق؛ لأن هذا السؤال يقوله بناء على اعتقاد المخاطب استهزاء وإنكارا، ثم هذا الكلام يحتمل أن يكون المراد منه أنها لا تستعمل إلا في مواضع التفخيم كما قيل، ويحتمل أن يكون المراد أنها تستعمل للتفخيم كما تستعمل فى غيره، وهو ظاهر كلام النحويين.
  (وأنى) لها استعمالان يحتمل أن تكون فيهما حقيقة، فيكون من قبيل المشترك، وأن تكون مجازا فى أحدهما (تستعمل تارة) أى: أحد استعماليها أنها فى بعض الأحيان تكون (بمعنى كيف) وإذا كانت بمعنى كيف، وجب أن يكون بعدها فعل (نحو) أى ومثال كونها بمعنى كيف فيليها الفعل قوله تعالى {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}(١) أى: كيف شئتم، بمعنى على أى حال، ومن أى شق أردتم مقابلة وجنبا، وغير ذلك، وفى تعليق الأمر بالإتيان بالحرث المناسب لمشروعيته ما يشعر بعليته له، فيقتضى أن تعميم حال الإتيان إنما هو بعد أن يكون المأتى موضع الحرث، فيقتضى عدم الإذن فى الإتيان من الأدبار، إذ ليست محلا للحرث الذى هو طلب النسل، ويؤيد ذلك أن الله تعالى قال فى الآية الأخرى {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ}(٢) إذ يفهم منه أن ثم موضعا لم يؤمر بالإتيان منه، وغير الدبر مأمور به إجماعا، فلم يبق محل لم يؤذن فيه إلا الدبر، وإنما قلنا يجب أن يكون بعدها فعل حينئذ؛ لأنه لم يرد موالاة الاسم إياها، إذ لم يسمع أنى زيد على معنى كيف هو، وكيف هذه التى كانت أنى بمعناها هى الاستفهامية، استعملت فى
(١) البقرة: ٢٢٣.
(٢) البقرة: ٢٢٢.