ألفاظ الاستفهام:
  مقتض لكون المستفهم أعلم بحيث لا ينكر، بل يحقق ما استفهم عنه، فاستعمل فى التحقيق الذى لا ينكر توسعا، ومجازا بالملابسة اللزومية فى الجملة، كما تقدم. والآخر: حمل المخاطب على الإقرار وإلجاؤه إلى ذلك الإقراد وإلزامه إياه لغرض من الأغراض، كأن يكون السامع منكرا لوقوع ذلك الفعل من المخاطب، فتريد أن يسمعه منه من غير قصد لحقيقة الاستفهام المستلزم للجهل، أو يكون فى السماع منه تلذذ بسبب المراجعة فى الخطاب، أو نحو ذلك، ويكون (بإيلاء المقرر به الهمزة) بمعنى أنك تجعل الذى أردت أن تحمل المخاطب على الإقرار به مواليا للهمزة (كما مر) أى: كما ذكر فى حقيقة الاستفهام من أنك تجعل المستفهم عنه مواليا للهمزة، والإقرار أى: حمل المخاطب على الإقرار تابع له؛ لأن الجواب فى الاستفهام إقرار فالاستفهام مستلزم لحمله على الإقرار فى الجملة فاستعمل الاستفهام فى مطلق طلب الإقرار من غير سابق جهل مجازا مرسلا، فيعتبر فى التقرير ما يعتبر فى أصله، فإذا أردت حمله على الإقرار بأصل الفعل، قلت: أضربت زيدا؛ لتحمله على الإقرار بصدور الضرب، وإذا أردت حمله على الإقرار بالفاعل قلت: أنت ضربته؟ إذا كان الغرض الإقرار بالضارب، أو المفعول قلت: أزيدا ضربت، إذا كان الغرض الإقرار بالمفعول، أو بالمجرور أفى الدار صليت، أو الحال أراكبا جئت، وعلى هذا القياس، وخصت الهمزة بإيلائها المقرر به؛ لأن التفصيل المذكور لا يجرى إلا فيها، بخلاف هل - مثلا، فتكون للتقرير بنفس النسبة الحكمية فقط، كما يقال: هل زيد عاجز عن إذايتى؟ عند ظهور عجزه، وكذا ما سواها من أدوات الاستفهام غير الهمزة، فإنها للتقرير بما يطلب تصوره بها ككم أعنتك ومن ذا ضربت منكم، وما ذا صنعت معكم، عند قيام القرينة فى الكل، على أن المراد التقرير لا الإنكار - مثلا. (والإنكار) أى: يرد الاستفهام للإنكار حال كونه (كذلك) أى: كالإقرار فى إيلاء المنكر الهمزة، والعلاقة أن المستفهم عنه مجهول، والمجهول منكر أى: منفى عن العلم، فاستعمل لفظ الاستفهام فى الإنكار بهذه الملابسة المصححة للمجاز الإرسالى بمعونة القرائن الحالية، فإذا أريد إنكار نفس الفعل، أوليت الهمزة الفعل كقوله: