مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

ألفاظ الاستفهام:

صفحة 492 - الجزء 1

  أتقتلنى والمشرفى مضاجعى⁣(⁣١)

  للعلم بأنه ليس المراد إنكار كون ذلك الرجل بخصوصه قاتلا، وإنما يقتله غيره؛ لأن المشرفى المضاجع له وهو السيف المنسوب إلى مشارف، وهو موضع تصنع فيه السيوف، مانع من قتل ذلك الرجل، ومن غيره؛ لأنه معد لكل أحد لا له فقط، ولو كان المراد أن ذلك الرجل لا يصلح للقتل، وليس أهلا له كما قيل لم يذكر التحصن بالمشرفى، وإذا أريد الإنكار للفاعل أوّل الفاعل، فيقال مثلا: أأنت قتلت زيدا، عند تحقق قتله وإنكار كون القاتل أنت، وإذا أريد إنكار المفعول، قيل: أخيرا عملت، أو حالا قيل - مثلا - أمخلصا صليت، أو مجرورا قيل: أفى الحين ظهرت، أو ظرفا قيل: أمع أهل الخير حضرت، وقس على هذا، وفرض الإنكار فى الهمزة كما هو مقتضى التشبيه؛ لأن هذا التفصيل إنما يجرى فيها - كما تقدم - فى الإقرار، وأما غيرها فالإنكار كما تقدم فيه - أيضا - إنما هو فيما يطلب بها، فتكون هل لإنكار النسبة، كما يقال: هل المجرم محسن لأحد، وكم لإنكار العدد، فيقال: كم يفعل الظالم من معروف، أى: لا يفعل شيئا من إعداد المعروف، ويقال: من ذا يريد ممن هو ظالم، وما ذا يشته المريض، وقس على هذا. (ومنه) أى: ومما جاءت فيه الهمزة للإنكار قوله تعالى {أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ}⁣(⁣٢) فليس المراد به الاستفهام، بل المراد إنكار ما دخلت عليه الهمزة، وهو النفى، فيكون المراد الإثبات (أى الله كاف عبده)؛ وذلك لأن إنكار النفى نفى لذلك النفى (ونفى النفى إثبات) إذ لا واسطة بينهما، إذ الكلام رد على ما يتوهم من الكفرة أن الله تعالى ليس بكاف عبده. (وهذا) المعنى وهو: تحقيق أن الله تعالى كاف عبده وهو (مراد من قال إن الهمزة فيه) أى: فى أليس الله بكاف عبده (للتقرير) أى: لحمل المخاطب على الإقرار (بما دخله النفى) وهو الله كاف (لا) لحمله على الإقرار (بالنفى) وهو ليس الله بكاف عبده، وإنما صح فى الآية هذا التقرير؛ لأن الرد على من عسى أن


(١) صدر بيت لامرئ القيس في ديوانه ص ١٠٥ والإيضاح ص ٣٣٦ وفي المفتاح ص ٣٥٢، والكامل ٢/ ٧١ ولسان العرب (غول)، (شطن).

(٢) الزمر: ٣٦.