مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف الفصل والوصل

صفحة 525 - الجزء 1

  مفعولا، أو نحو ذلك، كأن يكون مجرورا، أو مضافا إليه وجب عطفه عليه فى الاستعمال الأغلب والمواقع الكثيرة، وإنما قلنا: «فى الاستعمال الأغلب»؛ لأنهم جوزوا ترك العطف فى الأخبار، وكذا فى الصفات المتعددة مطلقا؛ بل هو الأحسن فيها ما لم يكن فيها إيهام التضاد فالقسم الأول كقوله تعالى {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ}⁣(⁣١) والثانى كقوله تعالى {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ}⁣(⁣٢).

  وإنما استحسن العطف عند إيهام التضاد كما فى المثال الثانى ليفهم الجمع، ونفى التناقض، وهذا فى المفردات، وأما الجمل فمتى قصد التشريك وجب العطف، والفرق بينهما كون الصفات المفردة كالشيء الواحد في الموصوف؛ لعدم استقلالها بخلاف الجمل، وقيل: الفرق بينهما وجود الإعراب فى المفردات فيدل على حكم هو مفاد عطفها بخلاف الجمل، ورد بأن المفردات قد لا يظهر إعرابها، وقد تكون مبنية، ثم أشار إلى شرط قبول العطف بعد قصد إعطاء الحكم للثانية فقال: إن أردت شرط قبول العطف (فشرط كونه) أى: كون عطف الثانية على الأولى، أو عطف مفرد على آخر؛ لأن الحكم فيهما واحد (مقبولا) فى باب البلاغة (بالواو) أى: إنما يشترط ما يذكر بعد فيما إذا كان العطف بالواو.

  (ونحوه) أى: ونحو الواو مما يقتضى التشريك فى الحكم مثل الفاء وثم وحتى بناء على أنها تعطف بها الجمل، أو مطلقا؛ لأن الشرط يعتبر فى المفردات أيضا (أن يكون) أى: شرط القبول أن يكون (بينهما) أى: بين المتعاطفين من مفردين أو جملتين (جهة جامعة) أى: وصف له خصوص يجمعهما، ويقرب أحدهما من الآخر، ولا يكفى مطلق ما يجتمعان فيه؛ لأن شيئين لا بد أن يجتمعا فى شيء، حتى الضب والنون فإنهما يجتمعان فى الحيوانية، وعدم الطائرية مثلا، ولا يكفى فى قبول عطفهما حتى يراعى ما


(١) الحشر: ٢٣.

(٢) الحديد: ٣.