الفصل لعدم الاشتراك في القيد
  (فكذلك) هو جواب الشرط قبله، وقد تقدم أن الشرط وجوابه جواب الشرط الأول، أى: فإن كان أحد هذه الأقسام الأربعة أعنى: كمال الانقطاع بلا إيهام وشبهه، وكمال الاتصال وشبهه، فالفصل واجب كما وجب فيما إذا كان للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه للثانية، ففهم من هذا أن مانع الوصل خمسة أمور ترجع إلى المغايرة التامة وما التحق بها والمناسبة التامة وما التحق بها، وإنما قلنا كذلك؛ لأن المخالفة فى الحكم كالمغايرة التامة فإذا انتفى ذلك وجب الوصل، ودخل فى كمال الانقطاع، ما إذا كان للأولى حكم قصد إعطاؤه للثانية، فظاهره وجوب القطع كقولك «جاء زيد وقت الصلاة مره بها» وعليه يفوت معه المقصود من إعطاء الحكم.
  قيل: ويجمع بينهما بأن يصرح بالحكم فى الثانية فيقال فى المثال المذكور «مره بها فيه» أى: الوقت، ولك أن تقول يدخل هذا القسم فى كمال الاتصال، وفى الشبهين أيضا كقولك فى كمال الاتصال «ارحل الساعة لا تقيمن فيها» فيجمع بين القطع وذكر الحكم، كما قيل فى كمال الانقطاع تأمل.
  ولم يقيد كمال الاتصال بنفى الإيهام مع جواز وروده فيه كقولك لمن قال ما مدحت: لا مدحت فإن «لا» إذا كانت لنفى نفى المدح، فتكون جملة «مدحت» تأكيدا للجملة المنفية بلا من حيث إنها منفية بعد نفى فعادت إثباتا، فوصل مدحت بلا يوهم أن المراد الدعاء بنفى المدح بمعنى: لا جعلت ممدوحا، وإذا كان الغرض إثباته وجب أن يقال كما قيل فى كمال الانقطاع «لا ومدحت» ثم إن وجه القطع فى هذه الأقسام ظاهر: أما فيما إذا لم يقصد إعطاء الحكم للثانية فظاهر؛ لأن العطف يوجب فهم الخطأ، والغرض من الكلام فهم المراد منه، والبليغ لا يرتكب ما يوهم خلاف المراد: وأما فى كمال الانقطاع فلأن العطف بين الجملتين الشديدتى المناسبة كعطف الشيء على نفسه، ولا معنى له ضرورة نعم يرد فى المفردات وما يلتحق بها على أن حرف العطف مستعار للتفسير لا للعطف.