مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الفصل لكمال الاتصال

صفحة 541 - الجزء 1

  خبرية معنى، ورحمه الله إنشائية معنى، ولفظهما معا خبر، فلاختلافهما فى المعنى لم يعطف إحداهما على الأخرى، والقسم الأول أخروى بالنسبة لهذا ولم يمثل بما يكون لفظهما معا إنشاء وهما مختلفان معنى، لقلة وجوده، وذلك كقولك عند ذكر من كذب على النبى ليتبوأ مقعده من النار لا تطعه أيها الصاحب (أو لأنه) أى: يحصل كمال الانقطاع لأجل اختلافهما خبرا وإنشاء، أو لأن الشأن فيهما (لا جامع بينهما) فقوله: «أو لأنه» معطوف على قوله: «لاختلافهما» وقوله: «لا جامع بينهما» خبر ضمير الشأن وهو الهاء فى «لأنه» والجامع الذى انتفى تحقق كمال الانقطاع الموجب لمنع العطف هو معلوم (كما سيأتى) فى محله عند تفصيله إلى عقلى وخيالى ووهمى، وقوله: «أو لأنه جامع بينهما» يعنى مع كونهما لم يختلفا فى معنى الخبرية والإنشائية؛ بل هما خبريتان معا معنى أو إنشائيتان معا، وإنما قلنا كذلك؛ لئلا يدخل القسم الأول فى هذا أيضا كما تقدم فيما قبل، ثم مالا يصلح فيه العطف لانتفاء الجامع، إما لانتفائه عن المسند إليهما فقط كقولك «زيد طويل وعمرو قصير» حيث لا جامع بين زيد وعمرو من صداقة وغيرها، ولو كان بين الطول والقصر جامع التضاد كما يأتى، وإما عن المسندين فقط كقولك «زيد طويل وعمرو عالم» حيث لا صداقة بين زيد وعمرو وغيرهما.

الفصل لكمال الاتصال

  (وأما كمال الاتصال) الذى يكون بين الجملتين فيمنع من العطف، إذ عطف إحداهما على الأخرى معه كعطف الشيء على نفسه (ف) يتحقق ذلك الكمال بينهما (ل) أجل (كون الثانية مؤكدة للأولى) تأكيدا معنويا، بأن يختلف مفهومهما، ولكن يلزم من تقرر معنى إحداهما تقرر معنى الأخرى أو تأكيدا لفظيا بأن يكون مضمون الثانية هو مضمون الأولى، فيؤتى بالثانية بعد الأخرى (لدفع توهم تجوز أو غلط) أى: لأجل أن يدفع المتكلم توهم السامع التجوز فى الأولى فتنزل الثانية منزلة التأكيد المعنوى فى المفردات؛ لأنه إنما يؤتى به لدفع توهم التجوز، أو يدفع توهم السامع الغلط فى الأولى، فتنزل الثانية منزلة التأكيد اللفظى فى المفردات فإنه إنما يؤتى به لدفع