مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الفصل لكمال الاتصال

صفحة 542 - الجزء 1

  توهم السهو أو الغلط، فالأولى وهى التى تنزل منزلة التأكيد المعنوى؛ لاختلاف مفهومهما (نحو) قوله تعالى: ({لا رَيْبَ فِيهِ})⁣(⁣١) بعد قوله تعالى {الم ١ ذلِكَ الْكِتابُ} فإنه إذا بنى على أن ذلك الكتاب جملة مستقلة، يكون «لا ريب فيه» تأكيدا له على ما سيقرر المصنف «والم» حينئذ طائفة من الحروف، لا يعلم معناها بناء على أنها من سر الكتاب، كما روى عن الصديق أنه قال: «لكل كتاب سر وسر القرآن حروف أوائل السور» أو يعلم بناء على أن كل حرف مقتطع من كلمة، والمجموع فى موضع جملة مستقلة، فالهمزة من الجلالة، واللام من جبريل، والميم من محمد، فكأنه قيل «الله نزل جبريل بالوحى على محمد » أو أنه اسم للسورة وهو خبر مبتدأ مضمر أى: «هذه السورة الم».

  وأما إن بنى على أن ذلك الكتاب خبر ليس جملة مستقلة إما بإعراب «لا ريب فيه» خبر ذلك الكتاب، أو بإعراب «ذلك الكتاب» خبرا عن «الم» بناء على أنه اسم للسورة فكأنه قيل: هذه السورة المسماة «بالم» هى ذلك الكتاب الموعود بإنزاله للإعجاز، فلا يكون لا ريب فيه جملة مؤكدة لجملة قبلها، وذلك ظاهر، ولكن هذا الوجه الثانى أعنى: إعراب ذلك الكتاب خبرا عن «الم» بناء على أنه اسم السورة لا يخلو من التكلف فى إطلاق الكتاب على السورة، ثم أشار إلى كون «لا ريب فيه» كالتأكيد المعنوى لجملة «ذلك الكتاب» فقال: (فإنه) أى: فإن الشأن هو (لما بولغ فى وصفه ببلوغه الدرجة القصوى فى الكمال) أى: لما وقعت المبالغة فى وصف الكتاب بصفة هى بلوغه فى الكمال إلى الدرجة القصوى، أى: البعدى فى الرفعة فقوله «ببلوغه» متعلق بوصفه، والدرجة معمول البلوغ، وفى الكمال متعلق ببلوغه أى: بلوغه فى الكمال إلى الدرجة القصوى فبولغ فى وصفه بذلك البلوغ ثم المبالغة فى الوصف المذكور، وهو بلوغه النهاية فى الكمال حصلت (بجعل المبتدأ) اسم الإشارة الذى هو (ذلك) لأنه صيغة تدل على بعد المشار إليه، والبعد يراد به بعد التعظيم، ورفعة المنزلة، والعلو على التناول والإدراك، كما دلت القرائن على ذلك هنا فأفاد عظمة الكتاب، وعظمته


(١) البقرة: ٢.